سورة الأنعام [٦: ٥١]
{وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِىٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}:
{وَأَنذِرْ بِهِ}: الواو: عاطفة.
{وَأَنذِرْ بِهِ}: أيْ: بالقرآن؛ لقوله في سورة الأنبياء، الآية (٤٥): {قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْىِ} بالقرآن، وقوله: {وَأُوحِىَ إِلَىَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: ١٩].
{الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ}: يخافون: من الخوف وهو توقع الضرر المشكوك في وقوعه, السؤال: وهل يخاف المؤمن أن يحشر إلى ربه؟ الجواب: لا.
إذنْ من هم هؤلاء الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم؟ هم الذين كذبوا بآياتنا، ولم يؤمنوا، أو فسقوا، وقيل: هم المؤمنون العاصون، الفاسقون.
وهذا الإنذار مُوجَّه إلى كل فرد، والإنذار هو إعلام مع تخويف، أو زجر، أو تحذير، ولعلَّهم إن جاءهم الإنذار أن يؤمنوا ويصلحوا.
{لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِىٌّ وَلَا شَفِيعٌ}: أيْ: في الدنيا، {لَيْسَ}: نافية. {لَهُمْ}: من غير الله من ولي.
{مِنْ دُونِهِ وَلِىٌّ}: من: استغراقية؛ تشمل أيَّ ولي. ارجع إلى سورة العنكبوت، آية (٢٢) لمعرفة الفرق بين قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِىٍّ وَلَا نَصِيرٍ}، وقوله تعالى: {مَا لَهُمْ مِنْ وَلِىٍّ وَلَا نَصِيرٍ}.
الولي: هو المعين، والحفيظ؛ يحفظ المؤمن، ويتولى شؤونه، ويُكن له المودة.
{وَلَا شَفِيعٌ}: ولا: نافية. و (لا): في النفي أقوى من: (ليس).
إذنْ نفي الشفيع أقوى من نفي الولي. ارجع إلى الآية (٧٠) من نفس السورة للبيان.
وتعني: أيَّ شفيع، مهما كان من الإنس، أو الجن، أو الملائكة.
والشفيع: صيغة مبالغة من شافع: وهو الذي يطلب العفو لشخص آخر؛ لكي يدفع عنه العذاب لذنب، أو جرم فعله المشفوع له، ولا تتم الشفاعة إلَّا بإذنٍ ورضا من الله تعالى.
{لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}: لعلَّ: أداة رجاء، أو تعليل، لعلَّ هذا الإنذار يعيدهم إلى طاعة الله، والإيمان، والإصلاح، وكذلك اتخذوا الأسباب الأخرى للتقوى، وطلبوا من الله القبول أن يصبحوا من المتقين.