{وَإِذَا}: الواو: عاطفة، إذا: شرطية تدل على حتمية الحدوث وبكثرة.
{أَذَقْنَا}: مجرد الإذاقة باللسان خفيفة، والإذاقة تكون في الخير والشر وهنا جاءت في سياق الرّحمة، ولو قال: أنعمنا، يكون الإنعام فقط في الخير.
{النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا}: الفرح يعني السرور. رحمة: جاءت بصيغة النكرة؛ تعني: الصحة والمال والولد والخصب والرخاء. ارجع إلى سورة آل عمران آية (١٧٠) لبيان معنى الفرح وأنواعه.
{وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ}: إن: شرطية تدل على قلة الحدوث أو الاحتمال. سيئة: نكرة؛ تعني: الشدة والمرض أو الفقر والجذب، والسيئة: ما يسيء إلى النفس. ارجع إلى سورة هود آية (٩) لمزيد من البيان.
{بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ}: الباء تعليلية أو سببية، استعمل (أيديهم)؛ لأن معظم المعاصي والذنوب تُرتكب بالأيدي، ولم يقل: كسبت أيديكم؛ لأن الكسب حالة خاصة من ما قدمت الأيدي، وتأتي في سياق الرزق والربح والخسارة.
{إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ}: إذا: ظرفية فجائية، هم: ضمير يفيد التّوكيد. يقنطون: من القنوط: وهو أشد اليأس، والقنوط أخص من اليأس؛ أي: ييأسون بشدة من الفرج، وذلك بسبب كفرهم؛ أي: يقنطون حين تصيبهم سيئة وينسون الدعاء والتضرع إلى الله تعالى.
انتبه في هذه الآية أولاً: استعمل (إذا) مع الرّحمة فقال تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ} وإذا تدل على الكثرة، واستعمل (إن) مع السيئة فقال: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} و (إن) تدل على القلة؛ لأن المصائب والسيئات التي يبتلي بها الله العباد أقل بكثير من النعم التي ينعمها الله على عباده.
ثانياً: لم يذكر السبب في إذاقة الرّحمة؛ لأن الرّحمة غالباً هي فضل وإحسان من الله على عباده والناس ليسوا أهلاً لها، وأما المصيبة فذكر العلة أو السبب (بما قدّمت أيديهم) حتى لا يظن أحد أن المصيبة أو السيئة تنزل بالعبد إلا بما قدّمت يداه وليس ظلماً.