{وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ}: استعمل ياء النّداء الّتي تدل على البعد ولم يقل: ربِّ. لقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يا رب فقط مرتين في القرآن كله، هذه الآية والآية الأخرى هي قوله:{وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ}[الزخرف: ٨٨]. ارجع إلى آية الزخرف للبيان.
{إِنَّ قَوْمِى}: إن: للتوكيد، قومي: فيها معنى الاستعطاف والحنان أضاف إليه القوم؛ لأنّه منهم يعرفونه ويعرفهم، وهذه هي الآية الوحيدة في القرآن الّتي ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلمة قومي.
{اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}: من الهجر يعني: الترك أو قطعوا الصلة به، مثل عدم الاستماع إليه والإصغاء تركوا تدبره وفهمه أو تركوا العمل به وامتثال أوامره واجتناب نواهيه. تركوا تحكيمه إلى أنظمة أخرى، ونسوا قول الحق:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْـئَلُونَ}[الزخرف: ٤٤].
والسؤال: هل حصلت هذه الشكوى ومتى، أو ستكون في يوم القيامة كما قال بعض المفسرين؟
فمن قال: إن هذه الشكوى ستكون في يوم القيامة حُجَّتهم أن الآيات جاءت في سياق الآخرة. مثل نزول الملائكة وتشقق السّماء وعض الظالم على يديه.
ومن قال: إنها شكوى حدثت وتمت حين كذبه قومه {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}[فصلت: ٢٦].
ولما شكا الرّسول -صلى الله عليه وسلم- إليه ذلك أنزل الله الآية التالية:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ}.