{ثُمَّ}: لا تعني التّراخي في الزّمن، وإنما لتباين الصّفات أو الدّرجة بين الأخذ بعنف والعتل وصبّ الحميم فوق رأسه، أو للترتيب الذكري أو العددي.
{صُبُّوا}: من الصب؛ أي: سكب العذاب فوق رأسه؛ حذف من فوق رأسه؛ لأن (من) تعني القريب؛ أي: هو واقف مباشرة تحت الماء الحميم، أما حذف (من) تحتمل البعيد والقريب.
{الْحَمِيمِ}: هو المصبوب فإذا صبّ عليه الحميم فقد صبّ عليه عذابه، فهو شبّه العذاب بالشّيء السائل (الحميم) الّذي يصبّ عليه، ويدل على شدة وكثرة الصّبّ؛ أي: الصّبّ الكثير المتواصل بلا انقطاع.
وصبّ العذاب: يعني بكلّ أنواعه، ومنها: صبّ الحميم؛ وهو نوع واحد من أنواع كثيرة من العذاب كالزّمهرير والحريق.
{مِنْ}: ابتدائية استغراقية: من كلّ أنواع العذاب.
ولنقارن هذه الآية (٤٨) من سورة الدّخان وهي قوله تعالى: {ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ} والآية (١٩) من سورة الحج وهي قوله تعالى: {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِى بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ}.
سورة الحج الآية (١٩) يُصبُّ من فوق رؤوسهم الحميم من فوق رؤوسهم مباشرة ليس هناك فاصل بين الرّأس والصّبّ، من ابتداء الغاية، من فوق يعني: حتّى لا تضيع درجة حرارته؛ لأنه يراد به أن يصهر ما في بطونهم.
سورة الدّخان الآية (٤٨): ثمّ صبّوا فوق رأسه من عذاب الحميم، فوق رأسه يتحمّل القريب والبعيد، الغاية هنا التّحقير والاستهزاء والسّخرية من الّذي ادّعى أنّه هو العزيز الكريم؛ أي: أبي جهل أو غيره.