قيل: هذه الآية نزلت في أسرى بدر حين طلب بعض الأسرى من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يسمح لهم بالذّهاب إلى مكة؛ لكي يحضروا له الفداء، وخشي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تكون هذه خدعةً، واحتيالاً؛ لكي يطلق سراحهم حتّى يحضروا الفدية، أم هذه حيلة وخيانة للنجاة، أو يراد بهم الأسرى الذين أخذ منهم الفداء وأظهروا إسلامهم إذا عادوا إلى مكة خانوك وعادوا إلى الكفر.
{وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ}: وإن: شرطية؛ تفيد الاحتمال، أو الشّك، وقيل: معنى إن يريدوا خيانتك: بالكفر بعد الإسلام؛ أي: الردّة بعد أن نطقوا بالشّهادة، وعادوا إلى ديارهم، وعادوا إلى الكفر، فلا تبالِ بهم.
{فَقَدْ}: الفاء: رابطة لجواب الشّرط، قد: تحقيق، وتوكيد.
{خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ}: أيْ: إن عادوا إلى الخيانة فسيمكنك الله منهم: بقتلهم، أو أسرهم، كما فعل ببدر، خانوا الله: بكفرهم، ونقضهم عهدهم، وعدم إيمانهم.
{وَاللَّهُ عَلِيمٌ}: عليم: بأيِّ خيانة يمكن أن يقوموا بها، أو عليم بنواياهم، وما تخفي صدروهم، وعليم: كثير العلم؛ صيغة مبالغة لعالم.
{حَكِيمٌ}: في تدبيره لخلقه، وما يأمرهم، ويفرض عليهم ويجازيهم عليه.
وحكيم مشتقة من الحكم؛ فهو أحكم الحاكمين، أو مشتقة من الحكمة؛ فهو أحكم الحكماء في تشريعه، وما يفرض من الأحكام.