{وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ}: هذه هي الآية الثّانية، أدخل يدك في جيبك: الجيب فتحة الثّوب فتحة الرّقبة مكان دخول الرّأس في الثّوب هكذا كان الثّوب يلبس في ذلك الزّمن، أدخل يدك والإدخال يستعمل في مواطن المشقة والصّعوبة مقارنة بكلمة {اسْلُكْ يَدَكَ}: كما في الآية (٣٢) من سورة القصص، والّتي تستعمل في مواطن السّهولة وزمن الخوف ففي زمن الخوف تريد أن يكون الأمر سهلاً، ويكفي الخوف نفسه فيستعمل اسلك يدك.
{تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ}: أي: يتغيَّر لونها بعد إدخالها في الجيب من اللون الأسمر إلى الأبيض النّاصع الّذي بشع كالنّور، وحتّى لا يظن أحدٌ أنّ هذا التّغيير في اللّون ناتج عن البرص أو مرض جلدي أزال الله سبحانه ذلك الظّن فقال: من غير سوء، أيْ: من غير مرض.
{فِى تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ}: أي: هذه آية في جملة تسع آيات وهنَّ: اليد والعصا والطّوفان، والجراد والقمل والضّفادع، والدّم والسّنين ونقص الثّمرات.
إلى: حرف غاية يفيد عموم الغايات سواء البداية أو النّهاية أو ما بينهما، فرعون وقومه: القوم هم الرجال دون النّساء أو قد تعني الرّجال والنّساء معاً. وإذا قارنا هذه الآية مع الآية (٣٢) في سورة القصص وهي قوله تعالى: {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَإِيهِ}: نجد أن القوم أعم؛ فالقوم تعني: الملأ وغيرهم من الناس، وهذا أن يكون من قبيل ذكر العام بعد الخاص، أو الخاص بعد العام ليشمل الكل في الأهمية الكل يجب أن يبلغ الرسالة؛ ارجع إلى سورة الأعراف آية (١٠٣) لمعرفة من هو فرعون.
{إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}: إنّهم للتوكيد، قوماً فاسقين؛ لأنّهم أطاعوا فرعون الّذي قال:{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}[النازعات: ٢٤]. {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِى}[القصص: ٣٨]، وما قاموا به من الفساد في الأرض خارجين عن طاعة الله، فاسقين: مشتقة من فسقت الرّطبة، أي: خرجت من غلافها ارجع إلى الآية (٢٦) من سورة البقرة لمزيد من البيان.