للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة التوبة [٩: ١٤]

{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ}:

{قَاتِلُوهُمْ}: تكرار؛ للحضِّ، والتّرغيب، والتّوكيد، وأن القتال مطلوب منكم، ولو قال: إن تقاتلوهم؛ فيدل على أن القتال غير مؤكَّد عليكم، ثمّ يبيِّن الله -جل وعلا- الحكمة من الأمر بالقتال؛ فيقول:

{يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ}: والسّؤال: لماذا اختار أن يعذب المشركين، وكفار مكة بأيدي المؤمنين، وليس بعذابٍ من عنده: بأن ينزل عليهم آية، وينتهي الأمر؟! ولا داعي للقتال، لو حدث ذلك، وأنزل الله عليهم آية من السّماء؛ لما تغيَّرت نظرة كفار مكة بالنّسبة للمؤمنين ـ ولكونهم لا يؤمنون بالله ـ إذن: لن تتغيَّر حالتهم الإيمانية، ولو كانوا آمنوا من قبل؛ لانتهت المسألة، وما قالوا؛ هذا حدث كوني قد مسَّ آباءنا البأساء والضّراء مثل هذا من قبل، فأراد الله سبحانه أن يُري الكفار بأس الفئة القليلة الّتي غلبت فئة كثيرة، ولعلَّ ذلك يردعهم؛ فلا تحدثهم أنفسهم بقتال المؤمنين في المستقبل.

{وَيُخْزِهِمْ}: يذلهم، ويفضحهم، والخزي فيه عذاب نفسي، وفضيحة أمام النّاس.

{وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ}: بالقوة، والعدة، والسّلاح.

{وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ}: قيل: هؤلاء القوم: هم خزاعة؛ قدموا من اليمن، وسبأ إلى مكة؛ فأسلموا، وكانوا حلفاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وواجهوا، ولقوا من أهل مكة أذىً شديداً، وأخبروا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك؛ فبشرهم بالفرج القريب، وكان ذلك في بدر.