للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة البقرة [٢: ١٩]

{أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِى آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ}:

{أَوْ}: لها معانٍ عدَّة؛ منها:

١ - للتخيير بين المثل الأول، كالذي استوقد ناراً، أو المثل الثّاني، كصيِّب من السماء.

٢ - للتقسيم: أي: بعضهم يشبه الذي استوقد ناراً، وبعضهم يشبه أصحاب الصيب، أو مثلهم كأحد هذين المثلين.

٣ - أو تعني بل؛ أي: بل مثلهم، كمثل صيب من السماء.

{كَصَيِّبٍ}: الكاف للتشبيه، صيِّب: هو المطر الغزير، من صاب، يصوب، إذا نزل وانحدر بشدة.

{مِنَ السَّمَاءِ}: من ابتدائية. {السَّمَاءِ}: النازل من السحب الركامية وسمِّيت سماء؛ لأنّ تعريف السماء هو كل ما علاك يسمى سماءً.

{فِيهِ ظُلُمَاتٌ}: جمع ظلمة، ناتجة عن تكاثف السحب، وحجبها لضوء الشمس.

{وَرَعْدٌ}: هو صوت لانفجار ناتج عن تمدد الغلاف الغازي في منطقة التفريغ الكهربائي بين السحب المختلفة الشحنات الكهربائية، فتحدث أصوات مُدوية رهيبة نتيجة تغيرات في الضغط الجوي والتمدد ودرجات الحرارة.

{وَبَرْقٌ}: الذي ينشأ عن اصطدام السحب، الركامية، المشحونة بالطاقة الكهربائية، فعندما تقترب من بعضها، يحدث التفريغ الكهربائي بينها؛ مما يؤدي إلى البرق، وتختلف شدة هذه الشحن الكهربائية، بحسب أحجام تلك السحب الركامية، وقد تتلاحق هذه التفريغات، حتّى تصل إلى ٤٠ تفريغاً بالدقيقة؛ ما يؤدي بالناظر إليها بالعمى المؤقت، وهذا تفسير {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} [النور: ٤٣].

{يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِى آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ}: أي: أصحاب الصيب، أو من ينزل عليهم هذا الصيب، المطر، المنهمر، يضعون أصابعهم في آذانهم؛ أي: جميع أصابعهم، أو عدَّة أصابع في آذانهم، وهل يستطيع الإنسان أن يدخل أصابعه، ولا حتّى إصبع واحد، أو حتّى أنملة واحدة، نتيجة شدة الرعد والبرق، وهذا كناية عن كرههم لسماع آيات الله، وخوفهم، وفزعهم من تسرب، ولو كلمة واحدة إلى آذانهم.

{مِنَ الصَّوَاعِقِ}: أي: من شدة صوت الرعد، أو الزلزلة، أو النار المحرقة.

{حَذَرَ الْمَوْتِ}: خوفاً من الموت.

{وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ}: محيطاً بعلمه، وقدرته بالكافرين، فلا يفوته أحد، ولا يخفى عليه ما يفعلون. وقيل: إن الصيب هو القرآن أو دين الإسلام، الذي تحيا به القلوب، كما تحيا الأرض بالمطر، الذي ينزل كالغيث أما المنافقون؛ حين نزل عليهم هذا القرآن، والدِّين، فقد جعلوا أصابعهم في آذانهم، من خوفهم، وفزعهم، وظنوا أنّ الإسلام فيه ظلمات، ورعد، وبرق، سيخطف أبصارهم ويهلكهم.

وكان المنافقون؛ إذا حضروا مجلس النّبي -صلى الله عليه وسلم-، أعرضوا، وخافوا أن ينزل فيهم شيء من القرآن، ينبئهم بما في قلوبهم، فيقتلوا أو يكشف الله أمرهم.