{دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ}: الفاء تدل على التّعقيب والمباشرة، فزع منهم: الفزع: الخوف المفاجئ الّذي يؤثّر في القلب فيؤدي إلى تسرّع ضربات القلب فيدل على شدة الخوف والاضطراب في القلب، ففزع منهم؛ لأنّهم دخلوا عليه في غير زمن القضاء أو الحكم بين النّاس وبغير إذنه. وانظر كيف قال: ففزع منهم، ولم يقل: منهما، وقد سبق ذلك قوله تعالى: خصمان، وقال الخصم؛ لأن كلمة الخصم ـ كما قلنا ـ تأتي في سياق المفرد والمثنى والجمع.
{قَالُوا لَا تَخَفْ}: لا النّاهية، لا تخف: حين رأوه في حالة الفزع، وقولهم: لا تخف يدل على أنّهم من الملائكة؛ لأنّ لا أحد يجرؤ أن يقول لداود: لا تخف ولا يجرؤ أحد أن يدخل على داود -عليه السلام- لأنّ الحرس يمنعهم ولكونهم من الملائكة فهم أهلٌ لذلك.
{خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ}: بغى: من البغي وهو التّعدّي أو أخذ حق الغير بقهر وقوة وتعسُّف.
{فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ}: فاحكم: الفاء للمباشرة، احكم: افصل بيننا بالحق: الباء للإلصاق، ولا تشطط: ولا تبتعد عن الحق أو لا تَجُرْ أو تتجاوز الحد، وهذا الطّلب: احكم بالحق ولا تشطط لا يجرؤ على قوله أحد لنبي وملك إلا الملائكة.
{وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ}: أي دلّنا أو أرشدنا إلى سواء؛ يعني الوسط؛ أي: العدل، والصّراط: الطّريق المستقيم؛ أي: احكم بالعدل وعدم الجور أو لا تمِل عن الحق.