سورة الأحزاب [٣٣: ٣٦]
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}:
المناسبة: بعد أن ذكر الله سبحانه لنساء النبي -صلى الله عليه وسلم- التّخيير بين الحياة الدّنيا وزينتها وبين إن كنتنَّ تردن الله ورسوله والدّار الآخرة، يذكر بعدها هناك أمور لا اختيار فيها لأحد، وذلك إذا قضى الله ورسوله أمراً، ثم ذكر مثال على ذلك قصة زيد بن حارثة وزينب بنت جحش رضي الله عنها، وزواج النّبي -صلى الله عليه وسلم- من زينب تنفيذاً لأمر الله تعالى وإبطال التّبني في الإسلام.
وسبب نزول هذه الآية: كما روى ابن عبّاس أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- خطب زينب بنت جحش لزيد الّذي تبناه في مطلع الإسلام، وكانت زينب ابنة عمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فظنت زينب أنّه يريدها لنفسه، فلما علمت أنّه يريدها لزيد فأبت هي وأخوها عبد الله بن جحش، فنزلت هذه الآية.
{وَمَا كَانَ}: أيْ: ما يصح أو يحق له، ما النّافية، أيْ: هو أمر مستبعد أن لا يقبل مؤمنٌ بالله ورسوله بما حكم الله ورسوله.
{لِمُؤْمِنٍ}: اللام لام الاختصاص مثل عبد الله بن جحش (أخي زينب).
{وَلَا مُؤْمِنَةٍ}: لا النّافية، تكرار النّفي يفيد التّوكيد، مثل زينب بنت جحش.
{إِذَا}: ظرفية بمعنى حين.
{قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ}: حكماً أو أمراً.
{أَنْ}: للتوكيد.
{يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}: على ما قضاه الله تعالى ورسوله.
{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}: من شرطية، يعص الله ورسوله: فيما أمر به أو نهى عنه.
{فَقَدْ}: الفاء جواب الشّرط، قد للتحقيق والتّوكيد.
{ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}: هنا ثلاث توكيدات: قد وضلالاً (مفعول مطلق) ومبيناً.
والضّلال يعني: عدم الاهتداء إلى الصواب وإلى الصّراط المستقيم (دين الإسلام) ابتعد ابتعاداً مبيناً: أيْ: ضلال بين لكلّ فرد اطلع عليه، وضلال واضح بين بنفسه لا يحتاج إلى دليل أو برهان، ضلال يصعب معه الهداية مرة أخرى أو يرجى توبته.
وبعد أن نزلت هذه الآية رضيت زينب بالزّواج من زيد ورضي أخوها عبد الله بما قضى الله ورسوله.