سورة الزمر [٣٩: ١٨]
{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}:
{الَّذِينَ}: اسم موصول يفيد المدح والعلو.
{يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ}: القرآن الكريم وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-. أيْ: كلام الله تعالى وكلام رسوله. ارجع إلى سورة المؤمنون آية (٦٨) لمزيد في معنى القول والفرق بين القول والقرآن.
{فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}: كلمة أحسنه مشتقة من أحسن، وفيها مبالغة، فأحسن على وزن أفعل التّفضيل، وأحسن قائل هو الله ورسوله وأحسن ما قيل في الدّين، أمثلة على ذلك:
{وَجَزَاؤُا سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [الشّورى: ٤٠] هذا أحسن أو حسن، وأحسن من ذلك {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}.
{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥]، وأحسن من ذلك: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: ٤٥]، {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ}: وأحسن من ذلك: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النّحل: ١٢٦].
وكما في قوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِىَ} (هذا أمر حسن وأحسن منه ذلك): {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ} [البقرة: ٢٧١].
{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ}: أولئك: اسم إشارة يفيد البعد بعد المنزلة ويشير إلى الّذين اجتنبوا الطّاغوت وأنابوا إلى الله ويستمعون القول فيتبعون أحسنه.
{هَدَاهُمُ اللَّهُ}: هداية: خاصة، أيْ: زادهم هدى وتوفيق.
وكما قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمّد: ١٧].
{وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}: تكرار أولئك يفيد التّوكيد، هم تعني: هم أولو الألباب حقاً وبلغوا أعلى درجاتهم، أولو أصحاب، واللب جزء من الدّماغ تسمَّى منطقة الإدراك والفهم كلّ صاحب لب له عقل، وليس كلّ صاحب عقل له لب.
أولو الألباب أصحاب العقول النّيرة الصّفوة من المؤمنين الّذين يعقلون، يتفكرون، يتدبرون، يتذكرون.
وما هو الفرق بين أولئك الّذين هداهم الله وقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} [الأنعام: ٩٠].
الّذين هداهم الله: هم المؤمنون الموحدون الّذين وصفهم الله بكونهم اجتنبوا الطّاغوت وأنابوا إلى الله ويستمعون القول فيتبعون أحسنه، أيْ: هم فئة معينة لهم شريعة واحدة.
الذين هدى الله: تعني: جملة من الرّسل عدد من الرّسل لهم شرائع مختلفة، والرّسل من الّذين هداهم الله.