سورة الأنفال [٨: ٧٢]
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَّنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَىْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِى الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}:
{إِنَّ}: للتوكيد.
هناك ملاحظة يجب الإشارة إليها، وهي إذا جاءت إنَّ في مطلع آية الجهاد، كما في هذه الآية نرى تأخير جملة في سبيل الله إلى ما بعد ذكر أموالهم وأنفسهم، وإذا لم تجئْ إن، أو تذكر في مطلع آية الجهاد؛ فإنّ ذلك يصاحبه تقديم كلمة في سبيل الله على الأموال والأنفس، وهذه الملاحظة قد تساعد حافظ القرآن.
{الَّذِينَ آمَنُوا}: آمنوا بالله، ورسوله، وما أنزل الله، وكتبه، وملائكته، واليوم الآخر.
{وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ}: من دار الحرب، والكفر إلى دار الإسلام إلى المدينة، وإلى الحبشة، أو غيرها، وهم المهاجرون، وتركوا أموالهم، وديارهم استجابة لله ورسوله.
{وَالَّذِينَ}: اسم موصول.
{آوَوْا}: أسكنوا المهاجرين ديارهم.
{وَّنَصَرُوا}: المهاجرين على أعدائهم، آووا ونصروا: هم الأنصار.
{أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}: أي: المهاجرين، والأنصار بعضهم أولياء بعض في الموالاة؛ أي: المودة، والمحبة، والمعونة، والنّصرة، وتبادل الأسرار، والنّصرة: ينصر بعضهم بعضاً.
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَىْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا}:
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا}: خوفاً على أموالهم، وديارهم، وبقوا في مكة، لا ولاية لهم؛ أيْ: لا تولوهم حتّى يهاجروا.
{حَتَّى}: حرف غاية «نهاية الغاية»؛ أي: متى هاجروا؛ ارجعوا إلى ولايتهم.
{وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِى الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِيثَاقٌ}:
{وَإِنِ}: شرطية؛ تفيد الاحتمال، والنّدرة.
{اسْتَنصَرُوكُمْ فِى الدِّينِ}: أيْ: طلبوا منكم أن تنصروهم في الدِّين على المشركين؛ فعليكم واجب نصرتهم، ولكن بشرط:
{إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِيثَاقٌ}: عهد مؤكد. إلا: أداة استثناء؛ أي: لا تنصروا الّذين طلبوا منكم النّصرة في الدِّين على هؤلاء الّذين عاهدتم، ولا يجوز نقض العهد معهم.
{وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}: بصير بظواهر الأمور وبواطنها، بصير بما تقولون، وتفعلون.