للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة غافر [٤٠: ٤]

{مَا يُجَادِلُ فِى آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِى الْبِلَادِ}:

المناسبة: كأنّه قيل: ما دام هذا القرآن منزلاً من عند الله العزيز العليم فما يجادل في آيات الله إلا الّذين كفروا.

{مَا}: النّافية.

{يُجَادِلُ}: من الجدال هو: حوار بين طرفين أو أطراف لإثبات حق أو إظهار حجة أو دفع شبهة، يحصل فيه اختلاف في الآراء.

{فِى آيَاتِ اللَّهِ}: في الآيات الدّالة على البعث والحساب والدّار الآخرة ووحدانيته وأنّه هو الإله الحق، أو صدق ما جاء به محمّد -صلى الله عليه وسلم- أو صدق نبوته.

{إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا}: إلا أداة حصر، الّذين كفروا: بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والبعث والحساب, وجدال الذين كفروا هو: جدال بالباطل ليدحضوا به الحق كما قال تعالى: {وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} [الكهف: ٥٦].

{فَلَا}: الفاء: للتوكيد، لا: النّاهية.

{يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِى الْبِلَادِ}: الغرر: هو إيهام يحمل الإنسان على أن يظن شيئاً أو أمراً ما حسناً وهو ضد ذلك، فكأنّ الغرور يوقع المغرور فيما هو غافل عنه من الضّرر، وأصل الغرور الغفلة. والخطاب موجه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمته.

أي: فلا تغتر أنت ومن اتبعك من المؤمنين بتقلب الّذين كفروا في البلاد، بتجارتهم وزراعتهم وصناعاتهم وسعة رزقهم وما هم فيه من رغد العيش.

{تَقَلُّبُهُمْ}: يعني ضربهم في الأرض؛ أي: سفرهم للتجارة وكسبهم المال، وغيرها.

لنقارن هذه الآية (٤) من سورة غافر قوله: {فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِى الْبِلَادِ} مع الآية (١٩٦) من سورة آل عمران قوله: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِى الْبِلَادِ}.

في آية آل عمران أكد النّهي بعدم الاغترار بإضافة نون النّسوة إلى يغرنك؛ لأنّ السّياق في آل عمران في الهجرة والجهاد في سبيل الله بالأموال والأنفس.

أما السّياق في آية غافر: في الجدال في الآيات.