هذه الآية هي وعظ للأوصياء على اليتامى بأن يرعوا ويتواصوا باليتامى الذين في جحورهم، كما لو كان هؤلاء اليتامى هم أولادهم، ويخافون عليهم، كما يخافون على أولادهم.
ويتصورون أنهم لو كانوا أولادهم من خلفهم، ويعاملونهم بالمعروف، والإحسان، كما يحبون أن يعامل أولادهم من بعد موتهم؛ لكونهم فقدوا آباءهم فهم ضعفاء.
{وَلْيَخْشَ}: اللام: لام الأمر، أو الندب.
والخشية: هي الخوف مع التعظيم، والعلم بالذي تخشاه؛ أي: ليخشوا الجور في الوصية.
{لَوْ}: شرطية.
{تَرَكُوا}: أيْ: شارفوا، أو قاربوا على أن يتركوا خلفهم ذرية ضعافاً.
{مِنْ خَلْفِهِمْ}: أي: من بعدهم (بعد موتهم).
{ذُرِّيَّةً ضِعَافًا}: من ذكور وإناث؛ ضِعافاً: بكسر الضاد، وأما ضُعفاء: بضم الضاد كما قال تعالى في الآية (٢٦٦) في سورة البقرة: {ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ}، وإذا قارنا الآيتين نجد أن ضِعافاً بكسر الضاد تعني: الضعف المادي؛ أي: محتاجين إلى المال، وأما الضُّعفاء في آية البقرة هم ضُعفاء ضعف معنوي بدليل أن أباهم ترك لهم جنة فيها من كل الثمرات فهم بحاجة من يرعاهم ويقوم بأمرهم حتى يكبروا، وكلا الضُّعف والضَّعف يشتركان في ضعاف البنية؛ أي: أطفال صغار منهم من يحتاج إلى المال، ومنهم من يحتاج إلى رعاية فقط وعندهم مال.
{فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ}: في أمر اليتامى. اللام: للتوكيد؛ أيْ: يتبعوا ما أمر الله، ونهى عنه وأن يخافوا معصية الله سبحانه.
{وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}: اللام: للتوكيد، يقولوا قولاً موافقاً للدِّين؛ هذا حرام، هذا حلال، هذا مستحب، أو مكروه، كلام ليس فيه مجاملة؛ أيْ: قولاً عدلاً، وهناك فرق بين القول السديد والقول الصواب؛ القول السديد: قد يعتريه بعض الخطأ بدون تعمد، أما القول الصواب: لا يعتريه أي خطأ.