للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة البقرة [٢: ٢٢٨]

{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِى أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِى ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}:

{وَالْمُطَلَّقَاتُ}: الواو: استئنافية، المطلقات: جمع مطلقة، والطلاق مأخوذ من الإطلاق، وهو الترك، أو الإرسال.

والطلاق في الشّرع: حل عقدة النكاح (حل رابطة الزواج).

والطلاق: لا يقع إلَّا على المرأة إذا كانت مُحلاً له.

{يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ}: التربص: هو التلبث، والانتظار، ارجع إلى الآية (٢٢٦).

{بِأَنْفُسِهِنَّ}: الباء: باء الإلصاق.

{ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}: القُرء: هو الحيض، وأصل القرء هو اجتماع الدم في الرحم ثلاث حيضات لمعرفة براءة الرحم، وهناك من يطلق القرء على الطهر الّذي بين الحيضتين؛ أي: ثلاثة أطهار.

وحيضة واحدة تكفي لمعرفة براءة الرحم، ولكن الله سبحانه أراد ثلاث حيضات لحكمة قد تكون لإعطاء الزوجين زمناً كافياً؛ لكي يتراجعا.

{وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِى أَرْحَامِهِنَّ}:

{لَا}: النّاهية، {لَهُنَّ}: اللام: لام الاختصاص، {أَنْ}: للتعليل، والتوكيد.

{يَكْتُمْنَ}: إذا كنَّ ذوات حمل، أو حيض؛ لأنّ كلا الأمرين الحيض والحمل مسائل خفية، لا تعلمها إلَّا المرأة نفسها، والتصريح بها يعود إلى إيمان المرأة.

{مَا خَلَقَ اللَّهُ فِى أَرْحَامِهِنَّ}: سواء أكان الحمل، أم دم الحيض، فهو نوع من الخلق.

{إِنْ كُنَّ}: إن شرطية تحمل معنى الاحتمال، أو الشك، أو القلة.

{يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}: لأنّ من يؤمن بالله، واليوم الآخر لا يجترئ على مثل هذا الإثم؛ أي: تقول: أنها حامل، وهي غير حامل، أو بالعكس، أو تتلاعب بزمن العدَّة.

{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ}: البعل: هو الزوج، والسيد، والمالك.

{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِى ذَلِكَ}: في أثناء فترة التربص (ثلاثة قروء)؛ أي: زمن العدَّة قبل انقضاء الثّلاثة قروء.

أي: الزوج أحق برد زوجته إلى عصمته إذا عدل عن رأيه وشعر بالمحبة بعد المفارقة، وليس الحق لولي الزوجة كالأب، أو الأخ بعدم الرد.

{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِى ذَلِكَ}: على شرط عدم الإضرار بها، أو الظّلم.

{فِى ذَلِكَ}: في: ظرفية زمانية، {ذَلِكَ}: اسم إشارة تشير إلى ثلاث حيضات (أو العدَّة).

{إِنْ}: شرطية، {أَرَادُوا إِصْلَاحًا}: بالعودة كلٌّ للآخر، وحسن المعاشرة، وعدم الإضرار، وإرادة الخير، وتقويم العوج.

{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ}: ولهن اللام لام الاختصاص، والاستحقاق؛ أي: لهن من الحقوق والواجبات على الزوج كما للزوج عليهن من الواجبات والحقوق، والكل يجب أن يتحمل مسؤوليته بما في ذلك المعاشرة الحسنة.

{بِالْمَعْرُوفِ}: شرعاً. والمعروف: كل ما كان فعله جميلاً مستحسناً غير مستقبح.

{وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}: هي درجة القوامة، والقوامة لا تعني الظّلم، والتسلط، بل هي مسؤولية التكليف في الإنفاق.

{وَلِلرِّجَالِ}: اللام: لام الاستحقاق، وأيهما أفضل الزوج، أم الزوجة؟ إنما يعود ذلك إلى درجة التّقوى عند كل منهما.

{وَاللَّهُ عَزِيزٌ}: القوي الغالب الّذي يجب أن يطاع فيما أمر، أو نهى عنه، والذي لا يُقهر، والممتنع.

{حَكِيمٌ}: فيما شرعه لخلقه، وحكيم من الحكمة فهو أحكم الحكماء، وحكيم؛ لأنه هو الحاكم، والمالك، فهو أحكم الحاكمين. ارجع إلى الآية (١٢٩) من سورة البقرة لمزيد من البيان.

فعدة المطلقة عن زوجها: ثلاثة قروء.

وعدة المطلقة الحامل: أن تضع حملها.

وعدة المطلقة اليائسة: ثلاثة أشهر.