سورة الزمر [٣٩: ٧]
{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِىٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}:
{إِنْ}: شرطية تفيد الاحتمال والنّدرة.
{تَكْفُرُوا} بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
{فَإِنَّ اللَّهَ}: الفاء رابطة لجواب الشّرط إن الله: للتوكيد. ارجع إلى سورة البقرة آية (٦) لبيان معنى الكفر.
{غَنِىٌّ عَنكُمْ}: أيْ: غني عن إيمانكم وعبادتكم وغني تعني: لا حاجة به إليكم.
{وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}: ورغم كونه غنياً عنكم وعن إيمانكم فهو لا يحب أن تكونوا كافرين رحمةً بكم؛ لأنّكم من خلقه ولا يريد أن يعذبكم.
لعباده: اللام لام الاختصاص.
الكفر هو السّتر ويعني: الجحود بوجوده والإيمان به أو عبادته أو بنعمه عليكم.
{وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}: إن شرطية تفيد القلَّة والنّدرة.
وإن تؤمنوا بربكم وتطيعوه وتستجيبوا له يرضه لكم، الرّضا القبول أن يقبل منكم، ولم يقل: وإن تؤمنوا بربكم قال: وإن تشكروا؛ لأنّ الإيمان والطّاعة من مظاهر الشّكر له، وإن تشكروا الله على نعمه الّتي لا تعد ولا تحصى وعلى نعمة الإيمان والإسلام يرضه لكم.
{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}: لا: النافية، ولا تزر: ولا تحمل أو تتحمَّل، الوزر: الحمل ويعني: الذّنب والإثم، ولا النّافية.
وازرة؛ أي: نفس وازرة آثمة، وزر أخرى: ذنب أو إثم أو جرم نفس أخرى فكل إنسان مجزيٌّ بعمله، أيْ: لا تحمل نفس آثمة ذنب نفس أخرى، ويبدأ ذلك من زمن التّكليف، وعلى شرط أن لا تكون سبباً في إضلال النّفس الأخرى فعندها يتعدَّى ظلم النّفس إلى ظلم نفس الأخرى عندها تتحمَّل إثمها وإثم النّفس الأخرى، كما قال تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: ١٣].
{ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ}: وإن لم تؤمنوا بربكم فاعلموا أنكم سترجعون إليه وستجزون على كفركم، ثم: للترتيب والتّراخي في الزّمن.
إلى ربكم مرجعكم: إلى ربكم تقديمها يفيد الحصر والقصر إليه وحده مرجعكم، وإلى تفيد عموم الغايات، أيْ: بعد البعث ترجعون إليه للحساب والجزاء.
{فَيُنَبِّئُكُمْ}: الفاء للتعقيب والمباشرة، ينبئكم: يخبركم ويطلعكم على سجل أعمالكم في الدّنيا. وينبئكم مشتقة من النّبأ وهو الخبر العظيم الّذي يعني أعمالكم.
{بِمَا كُنتُمْ}: الباء للإلصاق، ما اسم موصول بمعنى الّذي أو مصدرية.
{تَعْمَلُونَ}: في الدّنيا وتعملون تشمل الأقوال والأفعال.
{إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}: إنه: إن: تفيد التّوكيد، عليم: صيغة مبالغة كثير العلم أن يعلم ما تسرون وما تعلنون وما تبدون وما تكتمون ويعلم السّر وأخفى، ويعلم خفايا صدوركم، وما يجول في خواطركم وقلوبكم على الدّوام وما يسكن فيها من الأسرار.