سورة فصلت [٤١: ١٠]
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ}:
{وَجَعَلَ فِيهَا}: تعود إلى الأرض.
{رَوَاسِىَ}: جبال، أيْ: لئلا تميد وتضطرب، وكما قال تعالى: {وَأَلْقَى فِى الْأَرْضِ رَوَاسِىَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} [النحل: ١٥].
ارجع إلى سورة النحل آية (١٥) وسورة الحجر آية (١٩) للبيان.
{مِنْ فَوْقِهَا}: من فوق الأرض.
{وَبَارَكَ فِيهَا}: أكثر خيرها بأن خلق فيها الأشجار والثمار، وكل أنواع النبات والحيوانات والمياه والخيرات والبركة تعني الخير والزيادة والنمو.
{وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا}: أرزاق أهلها. والأقوات: جمع قوت: أقوات الناس والحيوانات.
قدر فيها: قيل: قسم الأرزاق بين العباد والحيوانات. قدَّر كمية الماء واليابسة وقدَّر نسب وأعداد الكائنات الحية وكل ما يتعلَّق بها.
{فِى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ}: في تمام أربعة أيام: أيْ: خلق الأرض، ما في الأرض في تمام أربعة أيام، فالله سبحانه خلق السماء والأرض في ستة أيام أو ست مراحل هي: مرحلة الرتق، ثم مرحلة الفتق (الانفجار والدخان) ثم مرحلة التسوية (التميز) ميَّز الأرض إلى سبع أرضين وميَّز السماء إلى سبع سموات، ثم مرحلة (الدحو) وتكوين الغلاف المائي والغازي، ثم مرحلة إلقاء الرواسي (الجبال)، ثم مرحلة تقدير الأقوات، ثم خلق آدم.
وهكذا يمكن القول: أن مرحلة تسوية السماء تمت في نفس الزمن الذي تم فيه تسوية الأرض، أيْ: ميَّز الأرض إلى سبع أرضين وميَّز السماء إلى سبع سموات في نفس الزمن، وكذلك مرحلة الإتيان تمت في نفس الزمن، فلا نفهم أن التسوية والإتيان تمت لكل منهما على حِدَةٍ.
إذن تصبح الأيام الأربعة: الأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء.
والقاعدة: كل مجمل يخضع للتفصيل إلا تفصيل العدد فيرجع للمجمل.
فالأربعة أيام هذه تكملة لخلق الأرض في يومين، فاليومان من الأربعة أيام.
وقد يسأل سائل: وهل يحتاج الله سبحانه إلى ٦ أيام وهو قادر على أن يقول للشيء: كن، فيكون؟ فسبحانه لا يُسئل عما يفعل وهم يُسئلون.
{سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ}: سواء لا زيادة ولا نقصان، أربعة أيام تامات مستويات.
للسائلين: اللام لام الاختصاص أو التعليل، السائلين: أيْ: من يسئل عنها، وقيل: هي الأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة. لا تزيد ولا تنقص.