{وَإِنَّ هَذِهِ}: إنّ للتوكيد، هذه: اسم إشارة، والهاء للتنبيه.
{أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}: الأمة معناها هنا الملة والدِّين، ولها معان أخرى منها الجماعة والحين والزمان والرجل الجامع للخير الّذي يُقتدى به، مثل إبراهيم -عليه السلام- ، أيْ: ملتكم أو شريعتكم ملة واحدة، واحدة (ملة الإسلام أو الحنيفية السّمحة)، وإن اختلفت في المنهج، كما قال تعالى {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}[المائدة: ٤٨].
{وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}: بامتثال أوامر الله وتجنب نواهيه، وارتقوا إلى أعلى درجات التّقوى، ولم يقل لهم: وأنا ربكم فاعبدون؛ لأنّ الإيمان والعبادة أمر بديهي للرسل، ولكن فاتقون: أي: ارتقوا إلى أعلى درجات التّقوى؛ لأنّكم الأسوة لغيركم من النّاس، وحين يخاطب سائر النّاس يقول: وأنا ربكم فاعبدون، وأنا ربكم: دليل على الوحدانية، كما في قوله تعالى:{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء: ٩٢].
فما هو الفرق بين التّقوى والعبادة؟
العبادة: فعل يحصل به التّقوى، والعبادة فعل ما أمر به الشارع واجباً كان أم مستحباً. ارجع إلى سورة النحل آية (٧٣)، والأنبياء آية (١٠٦) لبيان معنى العبادة.
التّقوى: هي الغاية من العبادة. فالتقوى = العبادة + كف النّفس عن كلّ حرام ومكروه، وإذا قيل: إنّ العبادة هي التّقوى فما ذلك إلا من قبيل المجاز، والغاية من التّقوى هي لقاء الله تعالى والقرب منه.