سبب نزول هذه الآية: قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ} الآية قال ابن عبّاس -رضي الله عنهما- فيما أخرجه الواحدي: نزلت هذه الآيات في صلح الحديبية، وذلك أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما صُدَّ عن البيت هو وأصحابه، نحر الهَدْي بالحديبية، ثم صالحه المشركون على أن يرجع عامه، ثمّ يأتي القابل، على أن يُخْلُوا له مكة ثلاثة أيام، فيطوف بالبيت ويفعل ما شاء، وصالحهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما كان العام المقبل، تجهَّز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لعمرة القضاء، وخافوا أن لا تفي لهم قريش بذلك، وأن يصدّوهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم، وكره أصحابه قتالهم في الشّهر الحرام في الحرم، فأنزل الله:{وَقَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ}: يعني قريشاً.
{وَقَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ}: أي: جاهدوا في سبيل الله لإعلاء كلمته ونصر دينه، من المفسرين من قال: أنّ هذه الآية هي أوّل آية نزلت في القتال بالمدينة المنورة، ومنهم من قال: أنّ أوّل آية هي قوله تعالى في سورة الحج الآية (٣٩): {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا}، ثم نزلت آية:{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً}[التوبة: ٣٦].
{الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ}: أي: في الأشهر الحرم، أو المسجد الحرام، أو غيرها، وأكد قتالهم بزيادة النّون في كلمة يقاتلونكم فقط، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقاتل من قاتل ويكف عمن كف.
{وَلَا تَعْتَدُوا}: بابتداء القتال، أو المفاجأة، أو لا تعتدوا بقتال النّساء، والشّيوخ، والصّبيان، والّذين بينكم وبينهم عهد.
{إِنَّ اللَّهَ}: إنّ للتوكيد.
{لَا يُحِبُّ}: لا: النّافية، المعتدين. ارجع إلى سورة الحج آية (٣٩) لبيان معنى الجهاد والقتال في سبيل الله والفرق بين الجهاد والقتال.