للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة التوبة [٩: ١١٤]

{وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ}:

وحتّى لا يحتج أحد من المؤمنين، ويقول: إنّ إبراهيم -عليه السلام- استغفر لأبيه، أو عمه، وأنا سأستغفر لفلان؛ جاءت هذه الآية لتبيِّن شأن استغفار إبراهيم.

{وَمَا كَانَ}: ما: النّافية.

{اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ}: يرجح المفسرون: أن آزر ليس أباه، وإنما عمه (الأب قد يعني: العم)؛ ارجع إلى سورة البقرة، آية (١٣٣)؛ للبيان.

{إِلَّا عَنْ مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ}: إلا: أداة حصر.

{مَّوْعِدَةٍ}: على وزن المرة؛ أي: كانت موعدة قالها مرة واحدة ولم تتكرر، وموعدة فقط وليست وعداً؛ لأن كلمة وعداً لا تعني بالضرورة واحدة؛ أي: مرة واحدة لم تتكرر، وليس لكم أن تفعلوها أو تقولوها؛ أي: تستغفروا لأي كافر مهما كان حتى ولو كان أقرب الناس إليكم إذا كان ذلك موعدة من إبراهيم لأبيه حين قال: {لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ} [الممتحنة: ٤]؛ فقد قال إبراهيم ذلك ظناً أنّ عمه قد يتوب، ويؤمن، أو كان يرجى، أو يؤمل منه التّوبة.

{فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ}: فلما: الفاء: للترتيب، والتّعقيب، لما: ظرفية زمانية؛ بمعنى: حين. تبين: لإبراهيم عن طريق الوحي: أنّه لن يؤمن؛ انقطع رجاؤه، واستغفاره لأبيه (أيْ: عمه).

{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ}: إنّ: للتوكيد.

{لَأَوَّاهٌ}: أوّاه: كثير التّأوه، كثير الدّعاء والتّضرع إلى الله، أواه: مبالغة في التأوه.

{حَلِيمٌ}: صيغة مبالغة من الحلم؛ أيْ: كثير الحلم، والحلم: هو الصّبر، والإناة، وفي سورة هود، آية (٧٥): {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ} أيضاً كثير الرّجوع والإنابة إلى الله؛ أيْ: سريع التّوبة.