للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الزخرف [٤٣: ١٤]

{وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ}:

{وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا}: إنا: للجمع، إلى ربنا: تقديم إلى ربنا لتدل على الحصر والتّوكيد، أيْ: إليه وحده، لمنقلبون: عائدون إليه، المصير بعد البعث والقيام.

{لَمُنْقَلِبُونَ}: راجعون، ولكنه لم يقل: راجعون؛ لأنّ هناك فرقاً بين الرّجوع والانقلاب، الرّجوع يعني: العودة إلى المكان الّذي خرج منه وبنفس الحالة من غير تغيُّر.

الانقلاب: الخروج من المكان والرّجوع إليه بغير الحال الّذي كان عليها زمن الخروج أو عدم العودة إلى نفس المكان، فاختار كلمة الانقلاب؛ لأنّ المسافر أو الرّاكب في السّيارة أو الطّيارة أو غيرها من الوسائل قد تغرق به السّفينة أو تتحطم به الطّائرة أو يحدث له حادث ولا يرجع إلى داره أو لا يرجع حتّى إلى الدّنيا وإنما ينتقل إلى الآخرة. ويذكرنا بأننا في الدّنيا في حالة سفر دائم إلى الآخرة.

ولم يقل: منقلبون كما في الآية (٥٠) في سورة الشعراء وهي قوله تعالى: {إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ}، وإنما قال: لمنقلبون: جاء بلام التّوكيد حتّى لا ينسى الرّاكب أو المسافر ذكر الله وأنّه في رحمة الله تعالى حتّى يعود، وأنّه غير منفلت من قضاء الله، وحتّى يكون مستعداً بقلبه ولسانه للقاء ربه، سواء عاد إلى بيته سالماً أم لا، وأما الآية (٥٠) في سورة الشعراء فهي آية خاصة جاءت في سياق سحرة قوم فرعون حين هددهم فرعون بالقتل والصلب، بينما آية الزخرف فهي آية عامة لكل من ركب في الفلك أو دابة.