المناسبة: لماذا هم غافلون عن الآخرة؟ لمَ لا يتفكرون في أنفسهم وفي خلق الله السّموات والأرض وما بينهما، فلعلهم بالتفكر يستيقظون من غفلتهم ويؤمنون بالله ولقائه ووحدانيته، ويؤمنون بالآخرة والبعث والحساب والجزاء.
{أَوَلَمْ}: الهمزة همزة استفهام إنكاري، والواو: تفيد شدة الإنكار؛ أي: كيف لا يتفكرون. ولم: حرف نفي.
{يَتَفَكَّرُوا فِى أَنْفُسِهِمْ}: يتفكروا؛ أي: ينظروا في الدلائل ومنها: {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} بالحق؛ أي: بنظام محكم ودقة فائقة لا تتغير وثابتة وتسير في نظام ثابت في أفلاكها ومستمرة إلى يوم القيامة، وأنها لم تخلق عبثاً أو بغير غاية وحكمة. ارجع إلى سورة إبراهيم آية (١٩) لمزيد من البيان، وسورة البقرة آية (٢٣-٢٩) والأنبياء آية (٣٠) وفصلت آية (٩-١٢) لبيان معنى خلق السموات والأرض.
{وَمَا بَيْنَهُمَا}: ارجع إلى سورة الفرقان آية (٥٩).
{إِلَّا}: أداة حصر.
{بِالْحَقِّ}: الباء للإلصاق والإلزام.
{وَأَجَلٍ مُسَمًّى}: وهو قيام الساعة؛ أي: لابد أن تنتهي الأرض والسموات وتزول، فلكل شيء أجل مسمى كقوله تعالى:{يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ}[إبراهيم: ٤٨].
فالتفكر في هذه الدلائل لابد أن يوصل إلى الحقيقة أن الله سبحانه واجب الوجود، هو الإله الخالق وحده، وأنه الّذي يستحق أن يُعبد وأن البعث والحساب والجزاء والدار الآخرة حق.
{وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَائِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ}: رغم كل هذه الأدلة والبراهين على وجوب لقاء الله تعالى والبعث والحساب، لازال الكثير من النّاس بلقاء ربهم كافرين. وهناك فرق بين {كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ}، وقوله تعالى:{أَكْثَرَ النَّاسِ} فأكثر تعني: أكثر من كثير.
{بِلِقَائِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ}: أي غير مصدقين أو لا يؤمنون، أو يجحدون. إن واللام في (لكافرون) تفيدان التّوكيد، وأما الأقلية فهم بلقاء ربهم يؤمنون.