للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة البقرة [٢: ١٣٢]

{وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِىَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ}:

{وَوَصَّى بِهَا}: من الوصية، والوصية:

ووصَّى بالتشديد أبلغ من وصَى؛ لأنّها تكون لمرات كثيرة، ولكلّ واحد من بنيه، ووصَّى تستعمل للأمور المعنوية، مثل أمور الدِّين، أما أوصى فللأمور المادية الملموسة. ارجع إلى سورة النساء آية (١١)، وسورة لقمان آية (١٤) لمزيد من البيان في وصى، والفرق بين وصَّى وأوصى.

{بِهَا إِبْرَاهِمُ}: تقديم الجار والمجرور (بها) الّتي تعود على الوصية؛ أي: بدلاً من القول، ووصى إبراهيم بها، قال: ووصى بها إبراهيم؛ للدلالة على أهميتها، وعظمتها.

{بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ}: بنيه: إسحاق وإسماعيل ويعقوب، (ابن ابنه) إسحاق.

{يَابَنِىَّ}: يا: النداء للبعد، قال: بني بدلاً من أبنائي. فيها تصغير يدل على الرّأفة والشّفقة عليهم، الوصية: هي إنّ الله اصطفى لكم الدِّين فلا تموتن إلَّا وأنتم مسلمون.

{إِنَّ اللَّهَ}: إن: للتوكيد.

{اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ}: الدّين: جاء بأل التعريف؛ أي: الإسلام ديناً (دين التّوحيد…) يا بني أنّ الله: اصطفى لكم الإسلام ديناً؛ لأنّ الدّين عند الله الإسلام. والاصطفاء يكون من بين الشرائع، وليس من بين الأديان؛ لأن ليس هناك إلا دين واحد هو الإسلام. ارجع إلى سورة الأعراف آية (١٤٤) لمزيد من البيان، والفرق بين الاختيار والاصطفاء والاجتباء.

والدِّين: هو الطاعة والانقياد والشريعة والجزاء والعقيدة، والمنهج، ويسمى الصّراط المستقيم، والدِّين أعم من الملَّة، والدِّين يضاف إلى الله تعالى، وإلى الأنبياء، وإلى الأئمة، أما الملَّة فتضاف إلى الأنبياء، وإلى الأئمة، والدِّين واحد هو الإسلام، والشرائع مختلفة؛ الشريعة الإسلامية، والشريعة اليهودية، والنصرانية…

{فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ}: الفاء: للتوكيد، لا: النّاهية.

{تَمُوتُنَّ}: نون التّوكيد.

{إِلَّا}: حصراً وقصراً.

{وَأَنْتُمْ}: ضمير فصل يفيد التّوكيد.

{مُّسْلِمُونَ}: إسلام الوجه الّذي هو أعلى درجات الإيمان، كما بينا في الآية السّابقة (١٣١)؛ أي: على التوحيد والإخلاص (مخلصون موحدون).

وإذا كان إبراهيم -عليه السلام- قد وصَّى بنيه بتلك الوصية، فالله -جل وعلا- بذاته وصَّى الّذين آمنوا بنفس الوصية، بل بأحسن منها حين قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: ١٠٢].