سورة آل عمران [٣: ٢٦]
{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ}:
{قُلِ}: ادع.
{اللَّهُمَّ}: أصلها: يا الله، فحين تقول: اللهم؛ كأنك تقول: يا الله.
والفرق بين الله، واللهم: الله: اسم الجلالة، واللهم: نداء المراد به: يا الله.
كيف اشتقت اللهم: الكلمة أصلها: يا الله حذفت منها الياء، وعوض عنها بالميم المشددة في آخر الكلمة، وهذا خاص لصاحب الخصوصية سبحانه وتعالى، ولا يختص بها وحده إلا هو.
{مَالِكَ الْمُلْكِ}: صاحب الملك، المُلك: بضم الميم، وهو الحكم؛ أي: صاحب الحكم، أما مِلك: بكسر الميم تعني: التملك.
وجمع كليهما بقوله: مالك الملك؛ أي: له ما في السموات وما في الأرض، والحاكم معاً، فهو الحاكم وبيده ملكوت كل شيء.
{تُؤْتِى الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ}: فما دام هو مالك الملك فإنه يهب أو يعطي شيئاً من ملكه لمن يشاء من عباده، أو ينزع الملك ممن يشاء من عباده، تؤتي من الإيتاء، وهو العطاء الذي ليس فيه تملك، ويمكن استرداد ذلك العطاء، والإيتاء يكون للأمور العظيمة الحسية، والمعنوية، والإيتاء أعم من العطاء. من: ابتدائية، استغراقية في كل الآية.
{وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ}: النزع هو الأخذ بشدة، (أو القلع)؛ أي: يحتاج إلى شدة؛ لأن صاحب الملك يكون متمسكاً بملكه، أو كرسيه، أو بالحكم، ولا يريد أن يُسلب منه، أو يؤخذ منه بأي شكل، أو وسيلة، ولكن الله سبحانه قادر أن ينزع الملك ممن أعطاه الملك؛ لأن الله صاحب الملك الحقيقي.
{وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ}: العزة: تعني القوة، والقهر، والغلبة، والمنعة. فلله العزة جميعاً، والله مع كرمه، وفضله يُعز من يشاء من عباده بالنصر، والغنى، والطاعة، والهداية؛ فهو يُعز رسله، ويعز المؤمنين به تعالى.
{وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ}: بالقهر، والفقر، والمرض، والغلبة، والهزيمة.
{بِيَدِكَ الْخَيْرُ}: بقدرتك الخير، الخير مثل النصر، والعزة، والجاه، والمال، والملك، وغيرها من مظاهر الخير، وذكر الخير، ولم يذكر الشر رغم أن كلاً من عند الله، ولأن كل أفعال الله تعالى من نافع وضار صادر عن الحكمة، ومصلحة العباد فهي خير كلها، ولأن الشر، أو السوء يبدؤهما العبد نفسه، أو اكتفى بذكر الخير؛ لدلالته على الآخر.
{إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ}: إنك صاحب القدرة المطلقة على كل شيء مادي، أو معنوي نافع، أو ضار، خير أو شر، وشيء: نكرة تشمل كل شيء مهما كان نوعه، وحجمه، وشكله في السموات، أو في الأرض.
ثم يبين الله سبحانه بعض مظاهر القدرة الإلهية في الآيتين الكونيتين الليل والنهار، الموت والحياة، فيقول: