{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ}: أي: أولوا العلم من أهل الكتاب، وليس الأميون منهم؛ لأنّ الأميين منهم لا يعرفون الكتاب إلَّا أماني.
{يَعْرِفُونَهُ}: تعود على النّبي -صلى الله عليه وسلم-.
{كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}: الكاف: للتشبيه. {يَعْرِفُونَ}: معرفة واضحة كما يعرفون أبناءَهم.
{يَعْرِفُونَ}: من عرف، والمعرفة تعني العلم بالذوات. وأما العلم: يتعلق بالصفات؛ أي: يعرفون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأوصافه وصفاته المذكورة في كتبهم، وما شاهدوه يفعل ويقول أمامهم قبل بعثته -صلى الله عليه وسلم-.
مثال: فقد جاء في التّوراة: «يا أيها النّبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي، سمِّيتك المتوكل ليس بفظٍّ ولا غليظ، ولا سخَّاب في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو، ويغفر، ولن يقبضه الله حتّى يُقيم به الملَّة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلَّا الله ويفتح بها أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً».
{لَيَكْتُمُونَ}: اللام: لام التّوكيد، {يَكْتُمُونَ}: من كتم الشيء؛ أي: سكت عن ذكره، والكتمان يختص بالمعاني، الأسرار والأخبار، أما الإخفاء فيكون للأشياء المادية، (أو الحسية)، فيقول: أخفيت الدراهم، ولا يقول كتمت الدراهم، والإخفاء أعم من الكتم.
{لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ}: الحق هو الأمر الثابت، الذي لا يتغير، وهو ما جاء في ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأوصافه، وأنه النّبي المنتظر.
وما أمر الله به في القرآن، وأمرُ القبلة، وأنّ عليهم أن يؤمنوا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وما جاء به.
{وَهُمْ يَعْلَمُونَ}: أنه حق، ويعلمون عاقبة الكتمان، وهم ليس بجاهلين، أو أميين، ويعلمون أنّ الحق غالب على أمره، وسيظهر في النهاية، ويعلمون أنّ عليهم أن يؤمنوا بمحمَّد -صلى الله عليه وسلم- ويصدِّقوه.