سورة البقرة [٢: ٦]
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}:
بعد ذكر المتقين، وذكر بعض صفاتهم باختصار، يأتي على ذكر الذين، كفروا، وبعض صفاتهم، وجزائهم في الآخرة.
{إِنَّ}: للتوكيد.
{الَّذِينَ كَفَرُوا}: أي: السائرون على درب الكفر.
والكفر في اللغة: هو الستر، وكفر ستر: أي ستر وجود الله، وستر نعم الله تعالى؛ أي: أنكر وجوده؛ أي: الجحود، ويعني: عدم التصديق بالله، وما أنزل.
الكفر في الشرع: هو إنكار شيء، جاء به القرآن، أو النّبي -صلى الله عليه وسلم-، بطريق يقيني، قاطع.
أنواع الكفر:
١ - الكفر الجحودي: ومن أسبابه؛ الاستكبار، مثل: كفر فرعون، وإبليس، وغيرها.
٢ - الكفر الجهلي: ومن أسبابه الغفلة، والجهل.
٣ - الكفر الحكمي: كالكفر بوحدانية الألوهية، أو الربوبية، أو الصفات، والأسماء. وبأركان الإيمان كالإيمان بالملائكة والرسل والكتب والنبيين واليوم الآخر، أو تكذيب بالغيب، كالجنة، والنار، والصراط، والميزان، أو الاستهزاء بالله، وآياته، ورسله، والدِّين.
والمكفرات ترجع إلى: مكفرات اعتقادية: كإنكار الخالق سبحانه، أو وحدانيته، وربوبيته، وصفاته، كاتخاذ الزوجة، والولد أو عجزه، أو عدم عدله، أو إنكار صفة له من صفاته، وإنكار الأنبياء، والرسل، ويوم القيامة، أو الكتب السماوية، أو القرآن، ولو آية فيه، والبعث، والحساب، والجنة والنار.
إنكار فرض من فروض الإسلام؛ صلاة، زكاة، صيام، حج، جهاد.
مكفرات قولية؛ كالاستهزاء بالدِّين، والعقائد، والأحكام، وسب الرسل عليهم السلام.
والشرك الأكبر؛ أن يُعبد مع الله إلهٌ آخر؛ ويعتبر ذلك من الكفر.
{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ}: أي: استوى عندهم الإنذار، أو عدمه؛ أي: لم يعد هناك فائدة من إنذارهم، أو عدم إنذارهم، فهم لن يؤمنوا. ولمقارنة سواء عليهم وقوله تعالى وسواء عليهم بزيادة الواو؛ ارجع إلى سورة ياسين آية (١٠) للبيان.
{ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ}: الإنذار؛ هو الإعلام، المصحوب بالتحذير، والتخويف.
{ءَأَنذَرْتَهُمْ}: الهمزة همزة تسوية. أي: استوى أو تساوى عندهم الإنذار أو عدمه.
{أَمْ}: المتصلة للإضراب الانتقالي، وتفيد الاستفهام، المصحوب بالإنكار، والتوبيخ.
{لَمْ تُنذِرْهُمْ}: لم؛ حرف نفي، يفيد استمرار النفي؛ أي: سيستمرون على كفرهم.
{لَا}: النّافية؛ تنفي كل الأزمنة، نفي الإطلاق، والعموم، تنفي الماضي، والحاضر، والمستقبل.
{لَا يُؤْمِنُونَ}: لا يصدقون بالله، وبما أنزل، ويتكرر، ويتجدد عدم إيمانهم، ويستمرون عليه.