{ثُمَّ}: لتباين درجة أو رتبة الإيمان مقارنة بدرجة الصّبر والمرحمة، فالأصل هو الإيمان وهو شرط لقبول العمل الصالح مثل:(فك رقبة أو الإطعام) والالتزام (التواصي) بالصبر وبالمرحمة.
{وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}: الباء للإلصاق والدّوام؛ أي: وصّى بعضهم بعضاً بالصّبر والثّبات على الإيمان والصّبر على الشّدائد.
والصّبر على تجنّب المعاصي، وقرن الصّبر بالرّحمة؛ فلا بدّ أن يكون إطعام الفقير مصحوباً بالرّحمة.
فقال تعالى:{وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ}: التّعامل بالرّحمة والتّعاطف، وقدّم التّواصي بالصّبر على التّواصي بالمرحمة؛ لأنّ الصّبر يدخل في كلّ العبادات وفعل الأعمال الصّالحة والمعاملات.
وتكرار كلمة "تواصوا" والباء مرتين "تواصوا بالصّبر وتواصوا بالمرحمة" يعتبر من أقوى وأشد الأقوال والتّوصيات على الإطلاق، فهو لم يقل وتواصوا بالصّبر وبالمرحمة فهذا أقل شدة وقوة من القول الأوّل، ولم يقل تواصوا بالصّبر والمرحمة وهذا أقل شدة وقوة من القول الثّاني.
وإذا قارنّا هذه الآية (١٧) من سورة البلد {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} مع الآية (٣) من سورة العصر {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}: السّياق في سورة العصر مختلف تماماً عن السّياق في سورة البلد.
السّياق في سورة البلد عن المسغبة والتواصي بالصّبر والتّراحم وإطعام القريب والفقير.
أمّا السّياق في سورة العصر فهو عن الإنسان الخاسر بشكل عام، واستثنى من هؤلاء الذين تواصوا بالحق وتواصوا بالصّبر؛ أي: بالالتزام بالدين والإيمان والصبر.