سورة الرعد [١٣: ٤]
{وَفِى الْأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِى الْأُكُلِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}:
{وَفِى الْأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ}: أي: في قشرة الأرض.
{قِطَعٌ}: بقاع مختلفة من التّربة. متجاورة: متلاصقة؛ تركيب هذه التُّرب مختلفة؛ منها: ما يصلح للزراعة، ومنها: ما لا يصلح (أجدب)، والخصوبة تختلف من موقع إلى آخر، ومن أرض إلى أرض؛ فهناك تربة حمراء، وتربة سوداء، وتربة رملية.
فقد بدأت قشرة الأرض بصخور تسمى الصخور النارية الّتي تكونت عن طريق تبرد صهارة مندفعة من داخل الأرض بدرجات حرارة عالية جداً، ثم تعرضت هذه الصخور لعوامل التعرية كالمطر، والرياح، واختلاف درجات الحرارة، وعمل الكائنات الحية كلّ ذلك أدّى إلى تفتت الصخور النّارية، وتشكلت منها الصخور الرّسوبية عن طريق ترسب التربة، ثم بعض الصخور النارية والرسوبية انطمرت في أعماق الأرض؛ فكونت صخوراً متحولة ملتحمة بقوة شديدة؛ فهذه الأنواع الثلاثة كونت قشرة الأرض؛ فكلمة قطع متجاورات إشارة إلى تباين القشرة الأرضية المكونة من صخور متباينة في صفاتها المعدنية، والطبيعية، والكيميائية.
{وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ}: جمع جنة، والجنة: هي كالبستان الكثيف بالشجر، والثمر.
{وَزَرْعٌ}: الحب، القمح، والرّز، والشّعير.
{وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ}: صنوان: صفة للنخيل؛ صنوان تشير إلى المثنى، والجمع. الصّنو: الفرع الّذي يجمعه مع فرع آخر أصل واحد؛ أي: تخرج نخلتان، أو ثلاث من أصل واحد، أو نخلة لها رأسان، أو أكثر، وقد نرى أربعاً أو خمساً من أصل واحد.
وصنو الشّيء؛ أي: نظيره، أو مثيله، أو شجرة لها فرعان كل فرع صنو للفرع الآخر، ومن شجرة واحدة تخرج ثمار مختلفة الألوان، والطعوم الّتي تشير إلى تباين تربة، وصخور الأرض من مكان إلى مكان آخر.
{وَغَيْرُ صِنْوَانٍ}: أي: من أصول مختلفة، وصنوان: من أصل واحد.
{يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ}: أي: رغم أنه يسقى بماء واحد نجدها مختلفة في الثّمر، واللون، والطعم.
{وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِى الْأُكُلِ}: مثل: أنواع التّمر المختلفة في الجودة، والطّعم.
{إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}: ارجع إلى الآية السّابقة (٣).
{يَعْقِلُونَ}: من: عقل الشّيء؛ عرفه بدليله، وفهمه بأسبابه، ونتائجه؛ أي: لا يفهم هذه الآيات إلا من درس وفهم هذه الحقائق بأن الله سبحانه وتعالى أعطى لكلّ بذرة نباتية القدرة على أن تختار أثناء نموها ما يناسبها من عناصر، ومركبات الأرض؛ لتخرج ثمار مختلفة اللون، والطعم.