تعريف الظّهار: أصله: مقابلة الظّهر بالظّهر؛ ويعني: تحريم وطء الزّوجة بجعلها محرمةً كظهر أمّه أو أخته.
اصطلاحاً: أن يشبّه الزّوج زوجته في الحرمة بإحدى محارمه مثل: أمه أو أخته، وكانت العرب تعتبر ذلك من أساليب الطّلاق والظّهار له كفارته، كما سنرى في الآيات القادمة.
{الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ}: أي يقولون لنسائهم: أنت عليَّ كظهر أمي، يعني تحريم وطء الزّوجة بجعلها محرمةً عليه كحرمة أمّه وما يشبهها من العبارات؛ منكم: أي: من الصحابة خاصة، والسؤال هنا: ما هو الفرق بين نسائهم وأزواجهم؟ الزوج: يطلق على الرجل والمرأة كقوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}[البقرة: ٣٥]، والزوج: يعني المثيل، أو المماثلة، وفي القرآن لا يطلق على المرأة زوجة إلا إذا كانت مماثلة لزوجها في الدين، والعادات والصحة والعافية والأخلاق، وإذا كانت مخالفة لزوجها يطلق عليها امرأة كقوله تعالى:{امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ}[التحريم: ١٠].
{مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ}: (ما) أقوى نفياً من ليس، ما هنّ أمّهاتهم؛ أي: مخطؤون يحلفون أو يزعمون هنّ أمّهاتهم.
{إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا الَّائِى وَلَدْنَهُمْ}: إن: للتوكيد، إلا: أداة حصر، اللائي ولدنهم: ولم يقل اللاتي، وهذا من خصوصيات القرآن يستعمل اللائي في سياق الطّلاق والظّهار، وبما أنّ الطّلاق والظّهار حالتان نادرتان استعمل في سياق ذكرهما الهمزة بدلاً من التّاء (اللاتي) لأنّ الهمزة من الحروف الثّقيلة النّادرة الاستعمال، فاستعملها لتناسب حالتي الظّهار والطّلاق النّادرتين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى: اللائي من اللأى: وهو الحبس، والمُطلّق والمُظاهِر تحبس عنه امرأته شرعاً حتّى يقوم بالكفارة أو ما هو مطلوب منه شرعاً.
{وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا}: إنّ للتوكيد، واللام في ليقولون: تعود على العرب في الجاهلية؛ لزيادة التّوكيد، منكراً من القول وزوراً: منكراً قولاً وزوراً، منكراً من القول؛ أي: قولاً ينكره الشّرع والعرف والعقل، وزوراً: كذباً وباطلاً (أي منحرفاً عن الحق).
{وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ}: إنّ للتوكيد، واللام في (لعفوّ) لزيادة التّوكيد، عفوّ: حيث شرع الكفارة ولم يجعله طلاقاً كما كانوا يفعلونه في الجاهلية، غفور: صيغة مبالغة كثير الغفران مهما ثقلت ذنوبه إذا تاب وأناب إلى الله تعالى.