المناسبة: بدأت السورة بالحديث عن الذين كفروا؛ الذين عبدوا الأصنام، وقالوا لرسلهم تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا آية (١٠)، يذكرنا بإبراهيم -عليه السلام- باتخاذه القدوة الحسنة في تجنب عبادة الأصنام فقال:
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ}: وإذ: واذكر إذ قال إبراهيم، أو حين قال:{رَبِّ}: لم يستعمل ياء النّداء؛ لظنه بقرب الله له، ويقل يا رب.
{اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا}: يعني: مكة، وجاء بأل التّعريف هذا البلد آمناً بينما في آية البقرة (١٢٦) قال: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا}: بالنّكرة، وفُسر ذلك: بأنّ دعاء إبراهيم بأن يجعل هذا البلد كان بعد بناء الكعبة، وبعد أن أصبحت مكة بلداً معروفاً بين القبائل، وقد يكون أنّه دعاء بالأمن الخاص بها؛ أي: بلد أمن واستقرار، وأمّا قوله: هذا بلداً (بالنكرة) آمناً: كان قبل بناء الكعبة، وأوّل ما رحل بزوجته هاجر، وابنه إسماعيل إلى مكة، وقيل: بحوالي (١٣ سنة)، أو هو دعاء لمكة بالأمن العام؛ أي: دعاء إبراهيم اجعل هذا البلد آمناً جاء بعد حوالي (١٣ سنة) من دعائه رب اجعل هذا بلداً آمناً. آمناً: ذا أمن واستقرار.
{وَاجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَنْ نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ}: واجنبني: من الاجتناب؛ أي: الابتعاد؛ أي: أبعدني، وبني أن نعبد الأصنام، والسّؤال هنا كيف يدعو إبراهيم النّبي خليل الرّحمن بهذا الدّعاء، وهو الّذي كسر الأصنام من قبل، وجعلها جذاذاً؟
الدّعاء هنا يعني: إما التّثبيت، والاستمرار على اجتناب عبادتها، أو يعني: اجتناب الشرك بكل أنواعه، والشّرك الخفي خاصة، والعصمة لا تمنع أن يدعو الإنسان ربه بدوام ما هو عليه حاله أن نعبد الأصنام.
{أَنْ}: حرف مصدري يفيد التّعليل، والتّوكيد.
الفرق بين الصّنم، والوثن: وردت كلمة الأصنام في خمس آيات، ووردت كلمة الوثن في ثلاث آيات. ارجع إلى سورة العنكبوت، آية (١٧)؛ لتعريف الصّنم، والفرق بين الوثن والصّنم.