سبب النّزول: إنّ الرّسول -صلى الله عليه وسلم- لما خرج من مكة مهاجراً إلى المدينة، ونزل الجحفة بين مكة والمدينة اشتاق إلى مكة، فأنزل الله تعالى جبريل بهذه الآية. كما رُوي عن مقاتل.
{إِنَّ الَّذِى}: إن للتوكيد، الذي: اسم موصول.
{فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ}: أنزل عليك القرآن وسمَّى إنزال القرآن فرضاً لما في القرآن من تكاليف أوجب العمل بها، أيْ: فرض العمل بها.
{لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ}: اللام لام التّوكيد، معاد: اسم مكان من فعل عاد، ومعاد الرّجل: البلد الّذي كان فيه ورسول الله كان في مكة، لرادك إلى مكة منتصراً فاتحاً (فتح مكة) بعد الهجرة، والرّد هو الرجوع أو العودة مجبراً من دون اختيار بينما الرّجوع يكون باختيار العبد.
ارجع إلى الآية (٧) من نفس السّورة للبيان.
أيْ: سنردك إلى المكان الّذي تحن إليه، أيْ: مكة، وقد يكون معادك إلى الجنة ولا مانع من احتمال المعنيين والمرجح مكة، والفرق بين معاد وميعاد: الميعاد للزمان والمكان ومشتق من الوعد زمن التّواعد أو مكان التّواعد، المعاد للمكان فقط.
وهذا الوعد بردِّه إلى معاده من أنباء الغيب، وفيه بشارة وليطمئن قلب النّبي -صلى الله عليه وسلم-.
{قُلْ رَّبِّى أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِى ضَلَالٍ مُبِينٍ}: وقل لهم إذا اتهموك بأنك صبأت عن دين آبائك، أي: خرجت عن دين آبائك.
قل لهم:{رَّبِّى أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى}: الله أعلم ولم يقل: يعلم، أعلم على وزن أفعل صيغة مبالغة في العلم، من: اسم موصول بمعنى الذي، جاء بالهدى: من عند الله؛ أي: النّبي -صلى الله عليه وسلم-.
{وَمَنْ هُوَ فِى ضَلَالٍ مُبِينٍ}: من: اسم موصول بمعنى الّذي، هو ضمير فصل يفيد التّوكيد. في: ظرفية، ولم يقل: ومن هو من الضالين؛ لأن في: تعني منغمس في الضلال، وراسخ فيه سابقاً، وفي ضلال مبين: جملة اسمية تدل على الثبوت، وشدة ضلالهم وإحاطة ضلالهم بهم من كل جانب؛ أيْ: أنتم أيها المشركون الضّالون، في ضلال مبين، ضلال مبين: انحراف وبعد عن الصّواب والحق، ضلال مبين: واضح وبين لكل فرد ينظر فيه ومبين لنفسه لا يحتاج إلى دليل وبرهان.