للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الأعراف [٧: ١٨٧]

{يَسْـئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّى لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْـئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}:

{يَسْـئَلُونَكَ}: أي: السائل يقف أمام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وجهاً لوجه.

{عَنِ السَّاعَةِ}: الساعة؛ تعني: ساعة تهدم النظام الكوني الحالي، وأما القيامة؛ فيعني: البعث، والخروج من القبور.

{أَيَّانَ مُرْسَاهَا}: أيَّان: للاستفهام، وأيَّان: تستعمل للأمور العظام، الجسام، وللتفخيم، والتعظيم، وجاءت في (٦) آيات، كلها في سياق البعث: {أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ}، و {السَّاعَةِ}، و {أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}.

أيَّان: تعني: متى، ولكن هناك فرق بين متى، وأيَّان؛ أيَّان: تختص فقط بالمستقبل، وتستعمل للأمور العظام؛ كما قلنا، أما متى: فتستعمل للماضي، والمستقبل، والأمور العادية.

{مُرْسَاهَا}: حدوثها، أو متى وقوعها.

{مُرْسَاهَا}: مشتقة من مرسى السفينة؛ حيث تنتهي، أو قيل: بثبوتها، ويقال: رسا في الأرض؛ أيْ: ثبت، أو استقرَّ بعد الإبحار. فالساعة شبهها بالسفينة التي تقترب كل يوم حتى تبلغ مرساها في الشط؛ أي: منتهاها.

{قُلْ}: لهم يا محمد -صلى الله عليه وسلم-.

{إِنَّمَا}: كافة مكفوفة؛ تفيد التوكيد.

{عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّى}: أيْ: قد استأثر ربي بعلمها، ولم يطلع عليها أحد.

{لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا}: أيْ: لا يظهرها إلا هو. لوقتها: اللام: لام التوقيت، أو التعليل عند وقتها؛ أيْ: لا يكشف خفاء علمها إلا هو سبحانه، وهذا يعني عند دنوِّ أجل الساعة يكشف لنا ربنا أشراط الساعة، أو علاماتها الكبرى.

{ثَقُلَتْ فِى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: ثقل وقوعها على أهل السموات والأرض، أو عظم شأنها على أهل السموات والأرض، أو الكل يخافونها: الملائكة في السموات، والناس، الجن، والإنس على الأرض.

{ثَقُلَتْ}: الثقل: قد يكون فكرياً، نفسياً، أو مادياً؛ فالخوف يعتبر ثقلاً نفسياً، وفكرياً. ثقلت على أهل السموات: الملائكة، وعلى أهل الأرض، الإنس والجن، وثقلت؛ تعني: لا يستطيعون تحملها من شدتها.

والثقل: يكون كذلك من عدم معرفة أيَّان مرساها، وكونها تأتي بغتةً.

{لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً}: لا تأتيكم إلّا فجأةً على غفلة منكم، إلا: أداة حصر.

{يَسْـئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا}: الحفيُّ لها عدَّة معانٍ؛ منها:

١ - هو المُلِحُّ في طلب الشيء؛ أيْ: بكثرة محاولاً الوصول إلى معرفتها، ومن كثرة ذلك يصبح عالماً بها أكثر؛ أيْ: كأنك دائب السؤال عنها، والعناية بها؛ كأنك عالم بها، أو كأنك معنيٌّ بطلب علمها.

٢ - وحفيٌّ: قد تعني: يسألونك عنها كأنك صديقٌ لهم (من كثرة السؤال)؛ كقوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيًّا} [مريم: ٤٧].

أو حفي: حافي القدمين من كثرة الذهاب، والمجيء للسؤال عنها؛ أيْ: تمزق نعليك من كثرة المشي؛ للوصول إلى معرفتها، وأصبحت حافي القدمين.

{قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ}: تكرار قل: للتأكيد، إنما: كافة مكفوفة؛ تفيد التوكيد.

علمها عند الله -جل وعلا- ؛ علم وقوعها، وحدوثها فقط عنده، وما يحدث فيها.

{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}: أن الله أخفاها؛ لتجزى كل نفس بما تسعى، أو لا يعلمون أن الله العالم بها، واختص بها وحده، أو تعني: هناك القلَّة من العلماء من يعلم شيئاً عن أشراط الساعة، وأهوالها.