للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة ق [٥٠: ١٤]

{وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ}:

{وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ}: الغيضة الكثيفة الملتفة الشّجر وهم قوم شعيب كذبوا شعيباً عليه السلام. ارجع إلى سورة الحجر آية (٧٨ ـ ٧٩) للبيان.

{وَقَوْمُ تُبَّعٍ}: تبع الحميري من ملوك اليمن أسلم ودعا قومه للإسلام فكذبوه. ارجع إلى سورة الدخان آية (٣٧) للبيان.

{كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ}: أيْ: كلّ واحد على حدة من هؤلاء كذب الرّسل، ولم يقل: كذبوا رسولهم؛ لأنهم حين يكذبوا رسولهم كأنّهم يكذبون كلّ الرّسل، فمن يكذب برسول كأنّه يكذب بكلّ الرّسل؛ لأن كلّ الرسل يحملون نفس الرّسالة وهي الإيمان بالله وحده وامتثال أوامره وتجنب نواهيه، ولم يقل: كل كذبوا الرسل، وقال: كل كذب؛ لأنهم لم يكونوا مجتمعين معاً، وكان كل قوم على حدة، وفي أزمان مختلفة.

{فَحَقَّ وَعِيدِ}: الفاء للتوكيد، حق: وجب وحل وعيد: بنزول العذاب بمن كذبوا رسلهم.

وإذا قارنا هذه الآية (١٤) من سورة (ق) وهي قوله: {كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} والآية (١٤) من سورة (ص) وهي قوله: {إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ}، العقاب أشد من الوعيد فالمخاطبون في حق عقاب أشد كفراً وعصياناً وإنذاراً من المخاطبين في حق وعيد، وإذا كان المخاطبون في الآيتين هم كفار قريش، فيدل على أنّ آية (ق) جاءت بالوعيد، فلما ازداد كفرهم وعصيانهم نزلت آية (ص) حق عقاب، وهذا يدل على أن سورة (ق) نزلت قبل سورة (ص)، ولو نظرنا في ترتيب نزول السور لوجدنا أن سورة (ق) ترتيبها في النزول (٣٤) وسورة (ص) ترتيبها في النزول (٣٨).