للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الأعراف [٧: ٧٣]

{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِنْ رَّبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِى أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}:

{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا}: أيْ: ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً.

{ثَمُودَ}: قبيلة عربية، كانت تسكن الحجر، بين الحجاز والشام، وهم من بقايا قوم عاد، ويسمون عاداً الثانية.

وقوله: {أَخَاهُمْ}: تدل على أن صالحاً كان منهم، وكان معروفاً، ومألوفاً عند قوم ثمود، وأطلق عليهم قوم ثمود باسم جدهم، ثمود بن عامر بن إرم بن سام بن نوح.

{قَالَ يَاقَوْمِ}: يا: النداء، وتدل على التحبب لقومه.

{اعْبُدُوا اللَّهَ}: أطيعوا الله، ولا تعصوه، وامتثلوا أوامره. ارجع إلى سورة الأنبياء، آية (١٠٦)؛ لبيان معنى العبادة.

{مَا لَكُمْ}: ما: النافية. لكم: خاصَّةً، اللام: للاختصاص.

{مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}: أيْ: لا إله إلا الله.

{هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً}: هذه: الهاء: للتنبيه، ذا: اسم إشارة للقريب؛ يشير إلى ناقة الله. لكم: اللام: لام الاختصاص، لكم خاصَّةً.

{آيَةً}: معجزة تدل على قدرة الله سبحانه، وتوحيده.

فقد سألوا صالحاً: أن يخرج لهم من إحدى الصخور ناقة عشراء، وَبْراء؛ أيْ: كثيرة الوبر، يتحرك جنينها بين جنبيها، ثم تلد فصيلاً، وجاءتهم الناقة كما سألوا.

{نَاقَةُ اللَّهِ}: سماها ناقة الله؛ تشريفها لها.

{فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِى أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ}:

{فَذَرُوهَا}: الفاء: للتعقيب، والمباشرة. ذروها: أي: اتركوها تسرح أينما تشاء.

{تَأْكُلْ فِى أَرْضِ اللَّهِ}: فقد سمَّى صالح الناقة؛ بناقة الله، وسمَّى الأرض أرض الله، وهذه هي الحقيقة، فكل مخلوق، أو أرض، أو سماء من خلق الله، وملكه.

{وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ}: لا: الناهية. تمسوها: المس: هو مجرد اللمس، أو أقل للمس.

{بِسُوءٍ}: الباء: للإلصاق، السوء: أعم من القتل، أو العقر أي سوء مهما كان، مثل: الضرب، أو الطرد، أو منعها من الشرب، ولم يقل: ولا تعقروها، أو تقتلوها، بل لا تمسوها بسوء؛ أيْ: أدنى المس، أو الأذى.

{فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}: الفاء: للتوكيد، يأخذكم: يصيبكم عذاب أليم، وكان هذا الإنذار في بداية الدعوة والتبليغ، أما حين عقروا الناقة، وعتوا عن أمر ربهم فأنذرهم إنذاراً آخر في نهاية الدعوة فقال: {تَمَتَّعُوا فِى دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ} [هود: ٦٥]، فقال: {فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ} [هود: ٦٤]. وفي الشعراء آية (١٥٦) قال تعالى: {فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ} فهذا وصف لليوم (يوم عظيم) وقد ترجع إلى العذاب أيضاً، فيكون قد وصف العذاب بالأليم القريب العظيم.