{وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ}: أنزلنا بصيغة الجمع للتعظيم، من السّماء: من السّحب الركامية ماءً: ماء المطر، والسّماء لغة تعريفها: كلّ ما علاك فالسّحب يمكن أن تسمَّى سماء، والآية تتحدث عن دورة الماء حول الأرض، وليس عن منشأ الماء.
{مَاءً بِقَدَرٍ}: بحساب دقيق بحيث تكون كمية الماء المتبخرة من البحار والمحيطات واليابسة تقارب كمية المطر المنزل من السّحب، فقد قدر العلماء أنّ كمية الماء الّتي أخرجها الله من الأرض كانت حوالي (١, ٤٠٠ مليون كم٣) يتبخَّر منها كلّ سنة حوالي (٦٠٠, ٠٠٠ كم٣) منها (٥٠٠, ٠٠٠ كم٣) من البحار والمحيطات و (١٠٠، ٠٠٠ كم٣) من اليابسة، ثمّ يعيد منها على اليابسة (١٦٥, ٠٠٠كم٣) بزيادة (٦٥, ٠٠٠كم٣) تؤخذ من مياه البحار والمحيطات ويعيد على البحار والمحيطات (٤٣٥, ٠٠٠كم٣) تلعب دوراً مهماً على سطح اليابسة كعوامل التعرية وتكوين التّربة وتركيز المعادن وتلطيف الجو المناخ وتغذية التّربة بكميات معلومة مقدرة الكمية يعلمها الله سبحانه، وأين تنزل على سطح الأرض بقدر قد يكون ضئيل قد يسبب القحط أو معتدل أو كبير يسبب الفيضانات وهلاك الحرث والنّسل وماء المطر يتشكل من البخار الصّاعد من الأرض فتحمله الرّياح حيث يشاء الله.
وهذه السحب المشكَّلة من بخار الماء غير قادرة على إنزال المطر، فلا بُدَّ من رياح أخرى تلقحها وهي رياح تحمل هباءات الغبار الّتي تلقح ذرات البخار، فتصبح عالية الكثافة فينزل المطر.
{فَأَسْكَنَّاهُ فِى الْأَرْضِ}: أيْ: حفظناه في الأرض واستقر في صخور الأرض ذات المسام والنفوذية، فهذه المسام والنفوذية بين ذرات الصخر هي القادرة على خزن هذا الماء، وهناك الكثير من الصخور غير المسامية أو النفوذية غير قادرة على خزن أيِّ ماء، وهذا الماء قد يخزن لمئات السنين أو آلاف السنين في الأرض الخالية من البحار والمحيطات والبحيرات.
وقد تختلف كمية هطوله في أرض أكثر من أرض أخرى، ولكن النسبة والكمية نفسها إذا جمعنا ما ينزل من المطر هنا وهناك.
{وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ}: لقادرون اللام للتوكيد، أيْ: قادرون على أن نجعله يغور في أعماق الأرض أو قادرون على عدم إعادته إلى الأرض بعدم تلقيح سحب بخار الماء، أو بتجفيف الماء برفع درجة الحرارة أو بهزة أرضية أو ثورة بركان أو بتغير التفاعلات الكيماوية للأرض، وفي هذا تنبيه لشكر الله على هذه النّعمة.