للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة النساء [٤: ٤٠]

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}:

{إِنَّ اللَّهَ}: إن: للتوكيد.

{لَا}: النافية، نافية للجنس، وتنفي كل الأزمنة؛ أيْ: ما كان ظالماً في الماضي، والحاضر، أو المستقبل.

{لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}: الذرة: هي أصغر جزء من العنصر الكيميائي، وهي مركبة من الإلكترون، والبروتون، والنيوترون، والنيوترونات: تتكون بدورها من الكواركات التي تعد أصغر جزء من الذرة، فهناك ما هو أصغر من الذرة: (وهي الإلكترونات، والبروتونات، والنترونات).

وهناك ما هو أصغر من الذرة: وهي الكواركات (جمع الكوارك).

فالله سبحانه لا يظلم مثقال ذرة (وهي أصغر جزء متعارف عليه).

والله سبحانه ذكر الذرة، وذكر ما هو أصغر من الذرة في سورة سبأ، آية (٢٢) قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِى السَّمَاوَاتِ وَلَا فِى الْأَرْضِ} [سبأ: ٢٢]. وقال: {وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِى كِتَابٍ مُبِينٍ} [سبأ: ٣].

وقد وردت كلمة ذرة في ست آيات في القرآن.

{وَإِنْ}: شرطية. {تَكُ}: أصلها تكون (أي: وإن تكون الحسنة بمقدار ذرة، وحذفت الواو من تكون)؛ لالتقاء الساكنين، فأصبحت (تكن)، ثم حذفت النون؛ للتخفيف، فأصبحت تك. وتك: إذن كلمة أصغر من تكن. وجاء بكلمة تك؛ لتناسب حجم الذرة التي هي أصغر جزء من المادة. ارجع إلى سورة البقرة، آية (٢٠١)؛ لبيان معنى الحسنة.

{وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا}: لم يُبيِّن الكم المضاعف، ولكن بيَّن ذلك في آيات أخرى، فقال في سورة الأنعام، آية (١٦٠): {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}: أو أكثر من ذلك قد تصل إلى (٧٠٠) ضعف، أو أكثر؛ كقوله: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: ٢٦١].

وانتبه إلى قوله: {يُضَاعِفْهَا}؛ أيْ: أضعافاً كثيرة، ولم يقل: يضعفها بالتشديد؛ لكانت تعني: ضعفين.

{وَيُؤْتِ مِنْ لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}: أيْ: ثواباً عظيماً من فضله، وإحسانه.

{مِنْ لَّدُنْهُ}: من عنده، وتقديم من لدنه يدل على الحصر، ومن لدنه، ولم يقل: من عنده. من عنده: تدل على شيء عام، ومن لدنه تدل على إيتاء شيء خاص لنبي، أو عبد صالح، أو مُقرب إلى الله. والأجر يعطى مقابل، أو جزاء العمل.

وهناك ما هو أعظم من الأجر العظيم هو الفضل العظيم.