للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الزمر [٣٩: ٥٣]

{قُلْ يَاعِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}:

سبب النّزول: كما أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أن أناساً من الّذين أشركوا وقتلوا وزنوا كبُرَ عليهم ذلك، وقالوا: نبعث إلى محمّد نسأله أو هم أتوا محمّداً -صلى الله عليه وسلم- فسألوه: هل من توبة؟ فنزلت هذه الآية، وقد ذُكرت أسباب أخرى لنزول هذه الآية والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السّبب.

{قُلْ}: لهم يا رسول الله يناديكم ربكم ويقول:

{يَاعِبَادِىَ}: يا النّداء للبعد، عبادي: ولم يقل: عبيدي، عبادي تعني: الّذين اختاروا الإيمان على الكفر والطّاعة على العصيان فشرفهم بإضافتهم إليه فقال: يا عبادي. ارجع إلى الآية (١٧) من نفس السورة، والآية (١٨٦) من سورة البقرة لمعرفة الفرق بين عبيد، وعبادي، وعباد.

{الَّذِينَ}: اسم موصول يفيد العموم.

{أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ}: أفرطوا في ارتكاب المعاصي والذّنوب والآثام والسّيئات والإسراف هو تجاوز الحد في كلّ فعل يفعله الإنسان مما لا يحله الله تعالى.

{الَّذِينَ أَسْرَفُوا}: ولم يقل: المسرفين (أي: صفة الإسراف عندهم ثابتة).

أسرفوا: أيْ: يمكنهم الكف عن الإسراف والعودة إلى الاعتدال.

والانتقال من صيغة المخاطب إلى صيغة الغائب للفت الانتباه.

{عَلَى أَنفُسِهِمْ}: على تفيد الاستعلاء والمشقة؛ لأنّ وبال الإسراف يعود على المسرف بالضّر والعذاب.

{لَا}: النّاهية للجنس ولكافة الأزمنة.

{تَقْنَطُوا مِنْ رَّحْمَةِ اللَّهِ}: القنوط هو أشد اليأس.

{إِنَّ اللَّهَ}: إن للتوكيد.

{يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}: تعليل للنهي عن القنوط من رحمة الله تعالى.

يغفر الذّنوب إلا الشّرك والكفر، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} [النّساء: ١٦٦].

أي: إذا مات المشرك أو الكافر، ولم يتب، أمّا إذا تاب فإن الله يتوب عليه إن شاء؛ أي: يقبل توبته.

{جَمِيعًا}: للتوكيد.

{إِنَّهُ هُوَ}: إنه للتوكيد هو للحصر والتّوكيد.

{الْغَفُورُ}: صيغة مبالغة أيْ: كثير الغفر أو الغفران ويعني: يمحو الذّنب ويعفو عنه ومهما عظم أو كثر إذا تاب الإنسان وأناب إلى ربه.

{الرَّحِيمُ}: كثير الرّحمة صيغة مبالغة على وزن فعيل رحيم؛ لأنّه لا يعجل بالعقوبة.