للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الأنعام [٦: ١٣٠]

{يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِى وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ}:

أي: يوم يحشرهم يناديهم: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ}: ألم: الهمزة: للاستفهام، والتقرير، والتوبيخ.

{يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ}: أيْ: من جنسكم، وليس من الملائكة.

قيل في تفسير هذه الآية: الجن لهم رسل، والإنس لهم رسل، أو أن الجن ليس لهم رسل، ورسلهم كانوا من الإنس، أو أن الجن كانوا يأخذون تعاليمهم من الإنس؛ لأنهم قادرون على الاستماع لكل ما يقوله الإنس بالخفاء.

والرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- بعث للإنس والجن معاً.

{يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِى}: ولم يقل: يتلون عليكم آياتي، كما جاء في الآية (٧١) من سورة الزمر: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ}، فما هو الفرق بين يقصون ويتلون؟

قص: أعم من تلا، {يَقُصُّونَ}: تشمل الأنبياء والرسل، {يَقُصُّونَ}: يبلغونكم الرسالة من دون كتاب معين.

{يَقُصُّونَ}: من كتاب، أو من غير كتاب، غير مقيدة، ويقصون تعني: بدقة وتفصيل، وقص أعم من تلا.

أما يتلُون: فالتلاوة مقيدة من كتاب، أو صحيفة.

وعدد الذين يقصون أكثر من عدد الذين يتلون، يتلون هم فقط من أُنزل عليهم الكتب والصحف. ارجع إلى سورة الزمر آية (٧١) لمزيد من البيان.

{يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِى}: يقصون من قص، وقص؛ مأخوذة من قصّ الأثر؛ أيْ: تتبع آثار القدم، من دون أيِّ انحراف؛ أيْ: بدقة وتفصيل.

{وَيُنذِرُونَكُمْ}: ولم يقل: ينذروكم، وإنما أضاف لها النون؛ للتوكيد، الإنذار: هو إعلام تحذير، أو تخويف.

{وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا}: يخبرونكم عن هذا اليوم، يوم القيامة والبعث، ويحذرونكم للاستعداد له.

{قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا}: قالوا: إجابة للسؤال {أَلَمْ يَأْتِكُمْ}.

{قَالُوا شَهِدْنَا}: أيْ: أقررنا، بأن الرسل قد بلغونا، وأنذرونا، ولم يقولوا: شهدنا لأنفسنا؛ لأن الشهادة للنفس تعني: شهادة خير ومنفعة.

وإنما قالوا: شهدنا على أنفسنا؛ تعني: شهادة ضد أنفسنا؛ أيْ: شهادة سوء.

{وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}: من القائل هنا؟ مبني للمجهول، لا يهم وقيل: الملائكة؛ أيْ: خدعتهم الحياة الدنيا بزخارفها، وزينتها، ومتاعها، وشهواتها؛ ففرطوا فيها، ولم يستجيبوا للرسل، ولا لما أنذروا به.

{وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ}: كانوا كافرين في الدنيا، وهذه تعتبر شهادة ثانية بعد الشهادة الأولى، أو توكيد للأولى. وهي جملة اسمية تفيد الثبوت، ثبوت الكفر في أنفسهم.