للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة محمد [٤٧: ٤]

{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِّيَبْلُوَا بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ}:

بعد ذكر حال الّذين كفروا وحال الذّين آمنوا يذكر في هذه الآيات واجب المؤمنين إذا نشبت بينهم وبين الذين كفروا حرب.

{فَإِذَا}: الفاء فاء السّببية، إذا: ظرف للزمن المستقبل وتفيد حتمية الحدوث متضمن معنى الشّرط.

{لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}: اللقاء هنا يعني: الحرب أو القتال.

{فَضَرْبَ الرِّقَابِ}: الفاء رابطة للجواب، ضرب الرّقاب: أيْ: فاضربوا رقابهم ضرباً (مجازاً عن القتل) جاء بالمصدر ضرب للتوكيد؛ لأن ضرب الرّقبة يعني: القتل بسرعة أو الإسراع في القتل، والقتل بأبشع صورة، ونصب الضربَ ولم يأت بالرفع كقوله: فضربُ الرّقاب؛ لأنّ الضرب موقوف بالمعركة بزمن المعركة وليس أمراً دائماً.

{حَتَّى}: حرف نهاية الغاية.

{إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ}: إذا: ظرفية شرطية. أثخنتموهم: أيْ: أكثرتم فيهم القتل أثخنتموهم بالجراح، والإثخان هو الإكثار من قتل العدو حتّى يضعف ويوهن ولا يقدر على النّهوض والوقوف أمامكم.

{فَشُدُّوا الْوَثَاقَ}: أيْ: فأسروهم، وأحْكِمُوا القيد قيد من أسرتموهم حتى لا يفلتوا منكم، والوثاق بفتح الواو: اسم لما يوثق به كالقيد والحبل، الإسار ما يوضع في يد الأسير، ليُقاد به، والشّد: الرّبط، الوَثاق: بفتح الواو تعني: الأسر، ومنهم من قال: الوِثاق: بكسر الواو تعني: القيد أو الحبل أو الإسار الّذي يوضع في يد الأسير، والأسر بعد الإثخان المبالغة في القتل والإصابة بالجراح.

{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ}: الفاء للترتيب والمباشرة، إما للتخيير، منَّا: تطلقوا سراحهم بعد الأسر بغير عوض أو فدية؛ أي: العفو والصفح عنهم.

{وَإِمَّا فِدَاءً}: أي: المفاداة أيْ: إطلاق الأسير في مقابل مال أو مبادلة الأسرى.

{حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}: حتى حرف نهاية الغاية، أيْ: لا مناً ولا فداءً حتّى تضع الحرب أوزارها، بعدها لكم الخيار في المن أو الفداء.

الأوزار: آلات الحرب كالسّلاح.

حتّى: تنقضي الحرب وتتوقف بهزيمة العدو.

{ذَلِكَ}: أي: افعلوا بهم ما ذُكر.

{وَلَوْ يَشَاءُ}: لو شرطية.

{لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ}: اللام لام التّعليل، انتصر منهم: بغير قتال ولو شاء انتقم منهم بالرعب أو الريح أو بالخسف والغرق والرّجفة وأهلكهم بشتى الوسائل.

{وَلَكِنْ لِّيَبْلُوَا}: لكن للاستدراك والتّوكيد، اللام في ليبلوكم للتعليل. والبلاء: يعني: استخراج ما عند المبتلَى من طاعة أو معصية بتحمُّله التكليف.

{بَعْضَكُم بِبَعْضٍ}: أيْ: ليبلوَ المؤمنين بالكافرين، يعلم المجاهدين في سبيله والصّابرين على ابتلائه ويعلم نواياهم ويعلم المنافقين أو العاصين بعدم الخروج للجهاد في سبيل الله ويعلم الصّادق من الكاذب؛ لإقامة الحُجَّة عليهم يوم القيامة، فهو سبحانه يعلم نواياهم وحالهم قبل أن يخلقهم.

{وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ}: الّذين: استشهدوا في سبيل الله أثناء المعركة، فلن: الفاء للتوكيد، لن لنفي المستقبل القريب والمستقبل البعيد، يضل أعمالهم: لن يضيع أجرهم وثوابهم.