{إِذْ}: أي: حين أوينا إلى الصّخرة؛ أي: استرحنا عندها.
{فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ}: نسيت أن أخبرك أنّي فقدت الحوت من المكتل، أو هرب الحوت من المكتل. وهل حقيقة نسي أم غفل عما ذكره موسى له أنه يريد أن يبلغ مجمع البحرين وفي ذلك المكان الذي يتخذ الحوت سبيله في البحر سرباً.
{وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ}: وراح يعتذر لكونه نسي أو غفل أن يخبره بذلك، ونسب ذلك النّسيان إلى نفسه، وهذا نوع من الأدب.
{إِلَّا الشَّيْطَانُ}: تفيد الحصر؛ أي: والشّيطان وحده هو السّبب.
{أَنْ أَذْكُرَهُ}: أن: للتوكيد.
{أَذْكُرَهُ}: أي: أذكر ذلك، وأخبرك به.
{وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ عَجَبًا}: وشق طريقه من المكتل بشكل عجيب؛ كيف دبت به الحياة بعد أن أُعد للطعام، وشويَ على النّار، ودخل في السّرداب عائداً إلى البحر؛ فهذه آية من آيات الله تعالى الدّالة على عظمة قدرته تعالى.
وما أنسانيهُ إلا الشّيطان استعمل الضّمة، وهي من أثقل الحركات لتناسب هذا الأمر الخارق للعادة؛ لكونها أندر حالات النّسيان في أندر، أو أعجب حالات الإحياء.
وفي القرآن فقط حالتين استعمل حركة الضّمة فيهما هذه الحادثة، والآية (١٠) من سورة الفتح حين قال تعالى: {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ} والّتي نزلت في بيعة الحديبية الّتي كانت من أثقل البيعات، أو المعاهدات؛ لكون الصّحابة بايعوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الموت؛ فاستعمل أثقل الحركات، وهي الضّمة؛ لتناسب أثقل وأشد العهود، وفخم لفظ الجلالة، وهناك من فسر استعمال حركة الضّم بما يناسب لغة الحجاز حيث يقولون بهُ وإليهُ.