في الآية السّابقة قال تعالى:{أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} أن خلق السّموات والأرض أعظم من خلق الإنسان، وفي هذه الآية قال:{وَمَا يَسْتَوِى الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ}.
{الْأَعْمَى}: هو الّذي لا يعلم أنّ خلق السّموات والأرض أكبر وأعظم من خلق النّاس ولا يؤمن بالله وبالبعث وبوحدانيته، فهذا الأعمى لا يستوي مع أعمى آخر يعلم بدرجة قليلة أو بدرجة كبيرة أنّ خلق السّموات والأرض أكبر من خلق النّاس، والأعمى الّذي لا يريد أن يعلم على الإطلاق أن خلق السّموات والأرض أكبر من خلق النّاس.
أو الأعمى: الغافل الّذي لا يتفكر ولا يتأمل بآيات خلق السّموات والأرض ويبقى غير مؤمن بالله.
والنّفي قد يكون نفي الجنس. ارجع إلى سورة فاطر الآيتين (١٨ – ٢٢).
وما يستوي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات؛ أي: لا يستوي كلّ منهم مع الآخر فهناك السّابق بالخيرات وهناك المقتصد.
ولا يستوي المسيء مع المسيء، فهناك من يعمل الكبائر وهناك من يعمل الصّغائر؛ ناهيك عن استواء الذي يعمل الصالحات مع المسيء، أو المؤمن والكافر فهذا أمر واضح.
{قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ}: قليلاً: أي إما العدد؛ أي: الّذين يتذكرون عددهم قليل، أو مقدار ما يتذكرون قليل، أو الزّمن الّذي تقضونه في التّذكر في ذكر خلق السموات والأرض قليل جداً.
ما: للتوكيد.
تتذكرون: التذكر من الذكر، وهو العلم بعد النسيان؛ أي: قليلاً ما تتذكرون؛ أي: هذه الآيات الكونية مثل خلق السّموات والأرض وغيرها، مثل خلق الإنسان تدعوا إلى الإيمان بالله وعظمته وقدرته وعلمه، وأنه الإله الحق الذي يجب أن يعبد ويطاع. تتذكرون: تعني أنها تحتاج إلى زمن أطول وتفكير عميق حتّى يهتدوا بها ويؤمنوا؛ لجهلهم بها وعدم معرفتها سابقاً، ولو قال: تذكرون لدلّ ذلك على زمن أقل.