{لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ}: أي: استمعوه وهم يلعبون، وقلوبهم مشغولة بأشياء أو أمور أخرى، وتقديم لاهية قلوبهم، ولم يقل: وقلوبهم لاهية؛ أي: قلوبهم لاهية تعني عن الذّكر المحدث: المنزل من ربهم وغيره من الأمور؛ أي: الكلّ، أمّا لاهية قلوبهم؛ أيْ: لاهية خاصة عن الذّكر المحدث من ربهم، أمّا غيره من الأمور فهي غير لاهية عنها، مثل أمور الدّنيا.
{وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}: النّجوى: المسارة في الحديث، أو خفض الصّوت، ولا بُدَّ من ثلاثة نفر على الأقل لحدوث النجوى، ولمعنى النّجوى: ارجع إلى سورة المجادلة آية (٧): للبيان.
وقدَّم النّجوى على الّذين ظلموا بدلاً من القول: وأسروا الّذين ظلموا النّجوى للاهتمام والتّوكيد، وما فحوى النّجوى: هي قولهم هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السّحر وأنتم تبصرون، وهذا يسمَّى التّبيين أو الإيضاح بعد الإبهام.
{هَلْ}: استفهام فيه معنى النّفي.
{هَذَا}: الهاء للتنبيه، ذا اسم إشارة يشير على محمّد -صلى الله عليه وسلم-.
{إِلَّا}: أداة حصر.
{بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ}: أيْ: ليس بملكٍ أو برجلٍ عظيم أو ليس برسول؛ لأنّه بشر يأكل مما تأكلون، ويشرب مما تشربون، ويمشي في الأسواق.
{أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ}: أفتأتون: الهمزة همزة استفهام وتعجُّب فيه الشّك، أفتأتون السّحر؛ أيْ: تحضرون وتأتون إلى محمّد -صلى الله عليه وسلم- لتسمعوا إلى سحره، قال: أفتأتون السّحر؛ أيْ: كأنّ محمّداً كلّه تحوّل إلى سحر، فهو ساحر، ومسحور، وما يقوم به السّحر، وأنتم تبصرون: فكيف تُقبِلون عليه وأنتم تعلمون وترون أنّه ساحر يريد أن يسحركم بسحره.
واتهموه بالسّحر أو ما جاء به السّحر؛ لكونه أثّر في نفوسهم تأثيراً قويّاً ولم يستطيعوا مقاومته، وكانوا يظنون كلّ شيء خارق للعادة سحراً. ارجع إلى سورة طه آية (٥٨)، والبقرة (١٠٢): لمزيد من البيان.