للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة البقرة [٢: ٣٦]

{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِى الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}:

{الشَّيْطَانُ}: كلمة الشيطان، اشتقت من شطن؛ أي: بعُد عن الحق، والخير، وتمادى في الشر، أو شاط: احترق، ومنه؛ شاط الطعام؛ أي: احترق، أو الشاطن؛ أي: الخبيث.

والرجيم: يعني: المرجوم، بالشهب، والمرجوم؛ الملعون، والرجيم؛ المطرود، أو المبعد، عن رحمة الله تعالى.

{فَأَزَلَّهُمَا}: الفاء؛ تدل على المباشرة، والسرعة، يقال: أزلت الشيء عن مكانه، إزالة؛ أي: نحيته، وأذهبته عنها، {فَأَزَلَّهُمَا}؛ أي: أبعدهما عن الجنة، أو نحاهما عن الجنة، {فَأَزَلَّهُمَا}؛ قد تعني أوقعهما في الخطيئة، أو الزلة، والزلة ليست بالضرورة، تكون إلى محل أدنى، بل يمكن أن تكون في المكان نفسه، بعكس التدلية كما في قوله: {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ}، لا تكون إلَّا من أعلى إلى أسفل.

{فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ}: من الجنة، والنعيم، والكرامة، ونسب الإخراج إلى إبليس، الذي تولى إغواء آدم، من أكل من الشجرة، بعد أن تغلبت عليه وساوس الشيطان.

{وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِى الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}:

{وَقُلْنَا اهْبِطُوا}: لم يقل: منها، ولا إلى أين، فهذا يشير إلى هبوط مكانة، وليس هبوطاً من مكان، إلى مكان؛ أي: نزول.

{اهْبِطُوا}: يشمل هبوط آدم، وزوجته، والشيطان. وقيل: آدم وذريته، وإبليس وذريته، أما قوله تعالى: {اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا} [طه: ١٢٣] تعني: آدم وإبليس، وآدم تعني: آدم وزوجته؛ ارجع إلى سورة طه آية (١٢٣) للبيان.

{بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}: أي: شياطين البشر للبشر عدو، شياطين الجن للبشر عدو، وأولياء الله عدو لأولياء الشيطان، ولم يقل: كلكم، وإنما قال {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}.

{وَلَكُمْ فِى الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ}: في: ظرفية مكان، استقرار، وإقامة.

{وَمَتَاعٌ}: كل ما ينتفع به، وما يُمتع به القليل، أو الكثير من الطعام، والشراب، واللباس، والسلعة، والأداة، والمال.

{إِلَى حِينٍ}: إلى: حرف يستعمل لكل الغايات (البداية، أو النهاية، أو المنتصف…)، بينما حتّى حرف يستعمل لنهاية الغاية. إلى حين موتكم، أو انقضاء أجلكم، إلى حين، ولم يقل: حتّى حين، وحين تعني: فترة زمنية غير محددة، قد تطول، أو تقصر، سنين، أو شهوراً، أو أياماً، أو ساعاتٍ.

حتّى: تعني: الوصول إلى نهاية الغاية، نهاية الغاية هي الموت، وهو القيامة الصغرى، سواء أكان الموت العادي، أم الموت بأسباب أخرى…