للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة هود [١١: ٥٧]

{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّى قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْـئًا إِنَّ رَبِّى عَلَى كُلِّ شَىْءٍ حَفِيظٌ}:

{فَإِنْ}: الفاء: عاطفة للتوكيد؛ إن: شرطية.

{تَوَلَّوْا}: تستمروا على الإعراض، وعدم الإيمان، وأصل تولوا: تتولوا، وحذف إحدى التاءين. تولوا: ولو كان قليلاً، وتولَّى: انصرف، أو ابتعد، أو أعرض؛ أي: ابتعدتم عني، ولم تسمعوا لما أقوله.

{فَقَدْ}: الفاء: رابطة لجواب الشّرط (للتوكيد). قد: حرف تحقيق.

{أَبْلَغْتُكُم}: من البلاغ؛ أيْ: إيصال ما أرسلت به إليكم بأحسن صورة مع البيان.

{مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ}: ما: اسم موصول؛ تعني: الّذي، أو مصدرية؛ أيْ: فإن تولوا لا أبالي؛ لأني أبلغتكم كلّ ما أرسلت به إليكم.

{وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّى قَوْمًا غَيْرَكُمْ}: يستخلف؛ أيْ: يأتي بقوم بعدكم خلفاء مباشرة من دون انقطاع، أو يأتي بجيل جديد غيركم، ولا يكونوا أمثالكم في الكفر، والشّرك، بل أفضل منكم طاعة، واستجابة.

ولم يقل: يستبدلكم؛ فالاستبدال: هو المجيء بجيل بعد جيل، أو قوم بعد قوم، ولو كان بعد انقطاع طويل، أو مرور قرون طويلة، أو سنين، والاستخلاف أفضل من الاستبدال.

{وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْـئًا}: ولم يقل: ولا تضروه شيئاً، بل أضاف النّون: للتوكيد؛ لأنّه الموقف، أو السّياق في الكفر، والإعراض.

{شَيْـئًا}: الشّيء: هو أقل القليل، وشيئاً: جاء نكرة؛ لتشمل كلّ شيء قليلاً، أو كثيراً، أو مهما كان نوعه.

وأمّا لا تضرُّوه شيئاً؛ كقوله: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْـئًا} [التوبة: ٣٩]؛ فقد جاءت في سياق عدم الخروج للجهاد، والإعراض عنه؛ رفض الجهاد: وهو أقل درجة من الكفر، والشّرك، ولذلك استعمل معها: ولا تضروه من دون توكيد بدلاً من: ولا تضرونه؛ أيْ: فلا تضرونه شيئاً إن كفرتم، أو آمنتم، ولا تضرونه شيئاً إن جاهدتم، أو كنتم مع الخالفين، أو القاعدين؛ لأنّ الله سبحانه غني عن عباده، وغني عن عبادتهم.

{إِنَّ رَبِّى عَلَى كُلِّ شَىْءٍ حَفِيظٌ}: رقيب، ويحفظ خلقه، ويحفظ على الخلق أعمالهم من خير، وشر، وطاعة، ومعصية يكتبها لهم في سجلات أعمالهم ليثيبهم عليها، أو ليجزيهم عليها، ويحصي عليهم أقوالهم، وأفعالهم، ويعلم ما تكن صدورهم، ونياتهم، ويحفظ عباده من السّوء، والشّياطين، والذّنوب إذا شاء، كما يحفظ السّموات والأرض أن تزولا، أو تقعا.