سورة الرعد [١٣: ٣٠]
{كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِى أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّى لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ}:
{كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِى أُمَّةٍ}: أي: كما أرسلك الله سبحانه إلى أمتك الّتي هي آخر الأمم؛ فقد سبق أن أرسل سبحانه رسلاً إلى أممهم، أو أرسلك في أمة قد تقدمتها أمم كثيرة.
{قَدْ}: قد: حرف تحقيق، وتوكيد.
{خَلَتْ}: مضت.
{مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ}: كثيرة؛ مثل: أمة موسى، وعيسى، ونوح، وعاد، وثمود، ومدين. والأمة تعريفها: هي جماعة من النّاس تربطها عقيدة واحدة، أو ملة، أو شريعة، ولا يهم الكم البشري، ولا الحيز الجغرافي.
{لِّتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}: لتتلو: اللام: للتوكيد، أو للتعليل.
{لِّتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ}: لتقرأ عليهم. ارجع إلى الآية (٧١) من سورة يونس لبيان معنى التلاوة.
{الَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}: أي: القرآن الكريم. ارجع إلى سورة النساء، آية (١٦٣)؛ لبيان معنى: أوحينا.
{وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ}: وهم: الواو: للاهتمام، والتّوكيد. كفر جحود، أو كفر بنعمه، أو شرك، أو تكذيب، وإنكار. يكفرون جاءت بصيغة المضارع؛ لتدل على تجدد وتكرار كفرهم.
{وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ}: ضمير فصل يفيد التّوكيد، ومثال على ذلك: لما أرادوا كتاب الصّلح يوم الحديبية، وكتب عليّ رضي الله عنه: بسم الله الرّحمن الرّحيم؛ قالوا: ما نعرف الرّحمن، أو حين قيل لهم: {اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا} [الفرقان: ٦٠]. واختار اسم الرحمن في هذه الآية؛ لأنه هو الذي يبسط الرزق وهو المنعم وهو الرحمن رغم تجدد كفرهم واستمرارهم على الشرك.
{قُلْ هُوَ رَبِّى لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ}: قل: "هو": ضمير منفصل يفيد الحصر، والتّوكيد: ربي خالقي، ومتولي أمري، ورازقي.
{لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}: لا رب غيره، ولا معبود سواه. لا: النّافية؛ إله: معبود؛ إلا: أداة حصر؛ هو: ضمير فصل يفيد التّوكيد. ارجع إلى سورة البقرة، آية (٢٥٥)؛ لمزيد من البيان.
{عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ}: عليه وحده؛ تقديم الجار والمجرور يفيد القصر، والحصر.
{تَوَكَّلْتُ}: فوضت أمري كلّه إليه وحده، أو أستعين به.
{وَإِلَيْهِ مَتَابِ}: أي: أتوب إليه، وأستغفره. ولمزيد من البيان عن التوبة: ارجع إلى سورة النساء، آية (١٦-١٧)، ولمزيد من البيان عن التّوكل: ارجع إلى سورة الأعراف، آية (٨٩).