{إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ}: إن: شرطية تفيد الاحتمال والشّك؛ أي: تستعمل في الأمر المشكوك في حدوثه. نتبع الهدى معك: إن دخلنا في دينك وآمنا بك واتبعناك وخالفنا العرب ونحن قلة.
{نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا}: ولم يقولوا نُخطف من أرضنا، وإنما نتخطف مبالغة في الخطف، والتخطف: الانتزاع بسرعة؛ أيْ: نخاف أن ننتزع بسرعة من أرضنا وندخل في حرب مع أعدائك، وقد نُقتل أو نؤسر، وهذا مجرَّد ظن وحُجَّة لعدم إسلامهم وعذر باطل؛ لأننا مكنا لهم حرماً آمناً، ويدل على شدة خوفهم من الهلاك أو الأسر. من أرضنا: من مكة.
{أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا}: أو لم استفهام للإنكار عليهم والتّقرير، والواو للتوكيد، نمكن: من التّمكين ويعني الاستخلاف والحكم والقدرة على ممارسة شعائر الدّين والأمن والغنى في مكة، كقوله تعالى:{حَرَمًا آمِنًا}: الحرم المكي، {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}[آل عمران: ٩٧].
{يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَىْءٍ}: يجبى: من جبى الماء أيْ: جمعه، تحمل إليه وتجمع فيه كلّ أنواع الثّمار من سائر البلدان وكلّ أصناف الطّعام والشّراب والرّزق والمتاع، وتقديم إليه يفيد الحصر.
{رِّزْقًا مِنْ لَدُنَّا}: رزقاً خاصاً من عند الله، من لدنا ولم يقل رزقاً منا؛ لأنّ هذا الرزق رزق عام.
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}: لكن للاستدراك والتّوكيد، أكثرهم: قريش وغيرهم، لا يعلمون: أنّ الرّزق والأمن والقتل والموت والحياة كلّه بيد الله ومن عند الله، ولو علموا ذلك لما خافوا الفقر والتّخطف، ولما قالوا ذلك ولكن علتهم الجهل بعظمة الله والشّرك. وهناك القلة الذين يعلمون ذلك.