للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة البقرة [٢: ٦٣]

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}:

{وَإِذْ}: أي: واذكروا إذ، أو: واذكروا حين، إذ: ظرف للزمن الماضي.

واذكروا حين {أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ}، والميثاق؛ العهد الموثق، أو المؤكد، على العمل بالتوراة، وتطبيق أحكامها، وامتثال أوامر الله، وتجنب ما نهى عنه، ثم تقاعستم، وأعرضتم عن الأخذ بها، بجد، واهتمام، وتطبيقها ممّا أدَّى بنا إلى رفع الطور فوقكم.

{وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ}: الطور؛ هو الجبل، ولكنه أقل حجماً، وشدة في التكوين، ارجع إلى الآية (١٧١) في سورة الأعراف للبيان، والمقارنة وهي قوله تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ}، ونلاحظ في آية سورة البقرة، أنه استعمل كلمات: الطور، والرفع، وقدَّم كلمة {فَوْقَكُمُ}، وفي آية سورة الأعراف، أنه استعمل كلمات: الجبل، والنتق، وآخر كلمة {فَوْقَكُمُ}، كلمات تشير إلى الشدة، والقوة، والعنف، والسبب في ذلك قد يعود إلى أنّ السياق في سورة البقرة في تعداد النِّعم، والتذكير بها، والمخاطبون أكثر إيماناً من المخاطبين في سورة الأعراف، والسياق في سورة الأعراف، جاء بالتهديد والوعيد؛ لبني إسرائيل؛ بسبب كثرة معاصيهم، ولذلك استعمل الكلمات، الأكثر شدة، وعنفاً لتناسب الموقف.

{خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ}: أي: خذوا تكاليف التّوراة، واعملوا بها بجد واجتهاد، وقوة، ومن دون تخاذل، وإن لم تفعلوا ذلك أسقط عليكم الطور، والباء تفيد الإلصاق.

{وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ}: احفظوا، وادرسوا ما فيه من الأحكام، ولا تنسوْها، وتضيِّعوها، واعملوا بها.

{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}: لعلّ: للتعليل، {تَتَّقُونَ}: إسقاط الطور فوقكم، والهلاك، أو تتقون سخط الله، وغضبه، وعذاب الآخرة.