للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الكهف [١٨: ٢٩]

{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَّبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِى الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا}:

{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَّبِّكُمْ}: وقل لهم يا محمّد -صلى الله عليه وسلم-.

{الْحَقُّ مِنْ رَّبِّكُمْ}: أي: هذا القرآن، أو الوحي الّذي جئتكم به هو الحق من ربكم. الحق الأمر الثّابت الّذي لا يتغير، أو لا يتبدل المنهج الرّباني الموصل إلى الغاية، والّذي يصلح به أمر دنياكم، وآخرتكم.

{فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِن}: من: شرطية.

{شَاءَ}: منكم فليؤمن بالله، وما أنزل إليكم.

{فَلْيُؤْمِن}: الفاء: جواب الشرط؛ ليؤمن: اللام: للتعليل.

{وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}: من: ابتدائية.

{فَلْيَكْفُرْ}: اللام: للتّعليل، وفي الآية تهديد، ووعيد.

نظير هذه الآية قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَىِّ} [البقرة: ٢٥٦].

{إِنَّا}: ضمير فصل يفيد التّعظيم.

{أَعْتَدْنَا}: هيأنا، وأعددنا، والمسألة منتهية؛ فالنّار مخلوقة فعلاً، ومعدة، وجاهزة.

{لِلظَّالِمِينَ}: للمشركين، والكافرين، والعاصين، واللام: هنا لام الاختصاص، أو الاستحقاق.

{نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا}: السُّرادق: كلّ ما أحاط بشيء من حائط، أو دهليز، أو جدران؛ سرادق النّار: أي: ألسنة النّار تحيط بهم من كلّ جانب؛ فلا يفلتون منها.

{وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا}: إن: شرطية؛ تفيد الاحتمال، والافتراض.

{يَسْتَغِيثُوا}: يطلبوا الغوث؛ لإنقاذهم من العذاب، وشدة العطش.

{يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ}: استعمال كلمة يغاثوا: أسلوب تهكمي، أو استهزاء، والمهل قيل: هو النّحاس المذاب، أو ماء أذيب فيه معادن مختلفة من حديد، ورصاص، ونحاس، أو دردري الزّيت، أو عصارة الزّيت المغلي.

{يَشْوِى الْوُجُوهَ}: من شدة حرارته قبل شربه يحرق الوجوه، فما بالك بعد أن يشربه.

{بِئْسَ الشَّرَابُ}: بئس من أفعال الذّم؛ أي: ساء الشّراب.

{وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا}: تعود على النّار؛ ساءت: من ساء: وهو فعل من أفعال الذّم؛ مثل بئس.

{مُرْتَفَقًا}: من المرتفق: هو الشّيء الّذي يضع الإنسان عليه مرفقه ليجلس مُستريحاً؛ أي: المتكأ، وإطلاق كلمة مرتفق على النّار على سبيل التّهكم، وهل نار جهنم مكاناً للراحة؛ أي: لا تجد فيها أي مرفق من مرافق الحياة الكريمة. ارجع إلى الآية (١٦) من نفس السورة