أسباب النّزول: قيل: نزلت هذه الآية في خولة بنت ثعلبة الأنصارية، وزوجها أوس بن الصّامت، جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تشكو إليه ما فعله زوجها فقد قال لها: أنت عليَّ كظهر أمّي، وكان الظّهار يومئذ طلاقاً، فراحت تشكو وتقول: يا رسول الله، أكل شبابي ونثرتُ له بطني حتّى كبر سني وانقطع ولدي ظاهَرَ مني! وكانت أم المؤمنين عائشة في الحجرة نفسها، فلما نزل الحكم قالت عائشة رضي الله عنها فيما معناه: تبارك الذي وسع كلّ شيء، لقد كنت بجوار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم أسمع ما تقول وسمعها الله من فوق سبع سموات طباقاً! كما أخرج الحاكم والإمام أحمد والبخاري.
{قَدْ}: حرف تحقيق؛ أي: للتوكيد إذا دخلت على الماضي تفيد تحقيق وقوعه.
{سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا}: أي خولة بنت ثعلبة وزوجها أوس ابن الصّامت تشكو إلى الله تعالى حيث قالت: إنّ لي صبية صغاراً إن ضممتُهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إليَّ جاعوا، تجادلك في زوجها: حيث قال لها رسول الله: قد حرمتِ عليه، وتقول له: ما ذكر طلاقاً، وفي رواية أخرى قالت: والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقاً، أو قال لها -صلى الله عليه وسلم-: ما أراكِ إلا حَرُمتِ عليه، وتقول: إنما هو أبو ولدي وأحبُّ النّاس إليّ.
الجدال: هو حوار بين طرفين أو أكثر؛ لإثبات حق أو إظهار حُجة أو دفع شبهة، وهو أشد من الحوار حدّةً ومخاصمةً.
{وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا}: تحاوركما: أي: خولة بنت ثعلبة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ تحاوركما: من التحاور: وهو الحوار بين طرفين، ويتميز بالهدوء، والحوار غير الجدال؛ الجدال ـ كما قلنا ـ يتميز بالشدة، والمخاصمة، ورفع الأصوات؛ يؤكد سبحانه أنّه يسمع تحاورهما، ثمّ نزل جبريل عليه السلام بالحكم كما ورد في الآيات القادمة.
{إِنَّ اللَّهَ}: إنّ للتوكيد.
{سَمِيعٌ}: لأقوال الرّسول -صلى الله عليه وسلم- وأقوال خولة وما قاله أوس ابن الصّامت، وسميع لكلّ ما يقوله عباده في أيّ زمان أو مكان.
{بَصِيرٌ}: يرى كلّ المبصرات أو الأمور المشاهدة؛ أي: عالم بظواهر الأمور، وخبير عالم ببواطن الأمور.