للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة مريم [١٩: ٤]

{قَالَ رَبِّ إِنِّى وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّى وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا}:

{قَالَ}: زكريا.

{رَبِّ}: حذف ياء النّداء، ولم يقل: يا رب؛ لأنّه يعلم أنّ ربه سبحانه قريب منه، ويسمعه، وهو أقرب إليه من حبل الوريد قرب معنوي، وياء النّداء تستعمل للبعد والتنبيه، وقال: رب، ولم يقل: يا الله؛ لأنّ ما سيطلبه أو يدعو الله ويتمناه هو عطاء من عطاء الرّبوبية (أن يرزقه الولد)، وأمّا (يا الله) فهي تستعمل في أمور العبادة والطّاعة.

{وَهَنَ الْعَظْمُ}: وهن العظم؛ أي: رق وضعف عظمه بسبب كبر سنه، وتقدمه في العمر، وهذا ما نسميه ترقق العظام، أو هشاشة العظم بسبب نقص الكالسيوم، وفيتامين (د)، وغيره من العوامل مثل نقص البروتينات الّتي تصيب النساء خاصة، والشيوخ، والكهول بشكل عام، وقد يكون المعنى: ضعفت حركته، وقلت بسبب عجزه.

{وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا}: شبه انتشار الشّيب في رأسه كاشتعال النّار في الحطب، وهذا دليل آخر على كبره، وتقدمه في السّن. واشتعل: أي: انتشر الشيب في رأسه.

{وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا}: لم: حرف نفي؛ لنفي الحال عادة، واستعمل: لم أكن، ولم يقل: ولم أك؛ لأنّه غير متيقن، ولا يعلم أنّ الله سيستجيب لدعائه، أم لا؛ فهو في أمل كبير، ولو قال: لم أك بدعائك؛ تدل على اليقين بالاستجابة لدعائه.

{شَقِيًّا}: وهذا يدل على أنّ الله سبحانه أكرمه سابقاً واستجاب له دعاءه، ولذلك قال: لم أكن بدعائك شقياً؛ لأنّ له سابقة استجابة، ويقال: شقي فلان: إذا لم ينل مراده، وتعب بالدّعاء، ولم يستجب له، عندها يعتبر نفسه شقياً، والباء: للإلصاق، والاستمرار.